مقالات مختارة

بين الانذار الامريكي والممانعة الايرانية ..!!

الشمال نيوز  – عامر الشعار

*كتب عارف العبد – المدن*

لم تكن الأيام الماضية في لبنان أياماً طبيعية، فمنذ انطلاق عملية طوفان الأقصى، تبدلت أغلب الوقائع ليس في لبنان فقط؛ بل في المنطقة. أما في لبنان الذي دخل حقبة حصر السلاح بيد الدولة، بدلاً من حصر السلاح بمواجهة الدولة، فإنه شهد تطورات دالة ومهمة وحساسة، خصوصاً في موضوع طموح وشعار استعادة الدولة لسلطتها وهيبتها على أرضها ومؤسساتها.

الذي جرى ويجب التوقف عنده ملياً، هو أن لبنان الذي ذكره الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالاسم وذكر رئيسه جوزاف عون، يبدو الآن في مقدمة الاهتمامات الأميركية في المنطقة، أو هو من بين المواضيع الأولى على الأقل، بعد غزة وسوريا.

والدليل أنه بالرغم من الإغلاق الحكومي الأميركي، الذي أسفر عن إلغاء أنشطة حكومية كثيرة في أميركا، وصل إلى لبنان وفد كبير وموسع وفضفاض، من الخزانة الأميركية للتدقيق مع المسؤولين اللبنانيين وإبلاغهم بالتوجهات الأميركية التي باتت معروفة تجاه حزب الله ومؤسساته.

هل يحتاج لبنان لكل هذا الوفد؟

تقاطعُ المعلومات، دل، أن الوفد الأميركي شدد وحرص على تأكيد كل السبل الآيلة لقطع شرايين الإمداد المالي الإيراني لحزب الله، وبكل الوسائل الممكنة. وفي الوقت عينه دقق في طرق حصار المجتمع المحيط بحزب الله والحاضن له. والمهم كان بالنسبة للوفد قطع الطريق على حزب الله لكي لا يعود لاستعادة عافيته المالية والسياسية والعسكرية.

حمل الوفد الأميركي مهمة واحدة، وهي التأكد من ضرورة تنفيذ الإجراءات الحكومية والإدارية لوقف تمويل إيران لحزب الله، والبيئة الاجتماعية الحاضنة له.

إسرائيل قصفت ودمرت خلال الأسابيع الماضية، في الجنوب كل الأدوات الممكن استخدامها في عملية إعادة البناء والإعمار في الجنوب والضاحية، ليأتي وفد الخزانة ويتحدث بصراحة أكثر، وهي تجفيف وقطع الأقنية والمسالك الموصلة للأموال إلى حزب الله ومحيطه. وهذا بالتوازي مع كلام عن مواعيد ومواقيت وإنذارات بأعمال هجومية إسرائيلية، تصل إلى حدود الستين يوماً من الأيام المقبلة، ونهاية الشهر الحالي وما بعده؛ أي مع نهاية السنة الحالية واستقبال السنة الجديدة، وقد تمدد المهلة إلى موعد الانتخابات النيابية المقبلة في أيار المقبل. 

بالتوازي والمقابل، لم تتأخر قيادة حزب الله بالرد على الإنذار والرسالة الأميركية الإسرائيلية الصارمة والحامية بأحسن منها، وفي المستوى نفسه، عبر الكلام واللهجة العالية والقاسية، التي استخدمها أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم. والتي كرر فيها الموقف المعروف؛ أي إن الحزب لن يسلم سلاحه وهو يرفض هذا الأمر، وفي الوقت الذي هدد فيه في المرة الماضية بمعركة كربلائية أعاد هذه المرة التشديد على عناوين جديدة، فهو تمسك بالخيار العسكري قائلاً: “سندافع عن أهلنا ولن نستسلم ولن نتخلى عن سلاحنا الذي يعطينا العزيمة والقوة”.

واعتبر الشيخ قاسم أنه “من حقنا أن نفعل كل شيء في مواجهة الخطر الوجودي”.

لكن قاسم ألمح هذه المرة، إلى احتمال تمدد عدم الاستقرار والتوتر إلى باقي مناطق لبنان، بقوله: “إذا كان الجنوب نازفًا فالنزف سوف يطال كل لبنان، ولا تبرئة ذمة للعدو الإسرائيلي عبر اتفاق آخر”.

إلا أن ما استوقف المراقبين، في كلام قاسم المتصلب، وعالي اللهجة، إضافة إلى إصراره على تكرار رفض تسليم السلاح، هو إشارته إلى أن المستوطنات الإسرائيلية ستكون آمنة! مما اعتبر إشارة إلى أنه أجلس نفسه مكان الدولة اللبنانية، والقوى الإقليمية وبدأ بإعطاء التطمينات والوعود، في حين نُظر إلى هذا الكلام من آخرين، على أنه بداية فتح مجال التفاوض في الممرات الخلفية، وبعيداً عن الأضواء حول ما يمكن، وما لا يمكن، في مواجهة إسرائيل.

التصعيد الذي أظهره حزب الله، والإشارة إلى الليونة الممكنة والمحتملة، ليست منفصلة عما يجري على الساحة الدولية، بين إيران والولايات المتحدة الأميركية والمجتمع الدولي.

الولايات المتحدة، ليست بعيدة عن الأهداف الإسرائيلية في المنطقة وكذلك في لبنان. لكن موقف حزب الله في المقابل، لا يتصل بالمصلحة الوطنية اللبنانية العليا كما يقول، بقدر ما يرتبط ارتباطاً فعلياً وكلياً بمواقف ومصالح إيران، الداخلة في اتصالات ومفاوضات لتحسين ظروفها وموقعها الإقليمي.

لا مبالغة، ولا ظلم على حزب الله، حين يشار إلى عمق ارتباطه بإيران، ومصالحها ورغباتها، والتي حولت الطائفة الشيعية في لبنان، من طائفة حيوية صاعدة بعرق أبنائها، تحمل كل إمكانيات التفوق والإبداع بين صفوفها، إلى منصة إيرانية لإطلاق الصواريخ، وإقامة العداوات والمناكفات والخصام والشجار مع باقي المكونات اللبنانية والعربية والإقليمية المحيطة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى