المال السياسي… حين تُشترى الأصوات ومعركة بناء الوعي في عكّار
الشمال نيوز – عامر الشعار

المال السياسي… حين تُشترى الأصوات ومعركة بناء الوعي في عكّار
*احمد ضاهر – ماجستير اعلام وصحافة*
لم تكن معركة بناء الوعي يومًا سهلة في أي مجتمع يعاني التهميش، فكيف الحال إذا كان هذا التهميش ممنهجًا ومتعمدًا كما هو الحال في عكّار منذ عقود؟ هذه المحافظة التي لطالما قُدِّمت في الخطابات السياسية على أنها “خزان وطني” و“سند الدولة”، تُركت في المقابل فريسة للحرمان والبنى التحتية الممزقة والبطالة والفقر. وفي كل استحقاق انتخابي، يُعاد فتح الجرح ذاته بأسلوب فاضح: استغلال حاجة الناس تحت اسم “المساعدة” و“الخدمة”، فيما الحقيقة ليست سوى شراء للأصوات وتزييف للإرادة الشعبية.
المال السياسي ليس ظاهرة عابرة في عكّار، بل صار نهجًا لدى بعض القوى التي لا تملك مشروعًا ولا رؤية، فاختصرت علاقتها بالناس عبر “الظرف المالي” ووعود “التوظيف الوهمي” و”الخدمات الانتقائية”. لكن هذا الأسلوب لم يكن يومًا طريقًا إلى تنمية حقيقية، بل وسيلة مكشوفة لإعادة إنتاج نفس الطبقة السياسية التي أوصلت لبنان إلى الانهيار الأخطر في تاريخه الحديث.
وليس خافيًا على أحد أن هذه الممارسات تضرب قيم المجتمع وتزرع الإحباط وتفكك ثقة المواطن بالدولة. فالذي يبيع صوته مضطرًا، إنما يبيع حقه وحق أولاده بمستقبل أفضل. والذي يشتري الأصوات، إنما يشتري صمت الناس لاحقًا عن فساده ويمنع قيام دولة القانون والمؤسسات.
لقد حان الوقت ليُدرك الناخب العكّاري أن الكرامة لا تُشترى، وأن الصوت الانتخابي أمانة لا سلعة. ومن يريد خدمة عكّار حقًا، فليتوقف عن المتاجرة بحاجة الناس وليتقدّم ببرنامج واضح وواقعي يتضمن حلولًا حقيقية لملفات التعليم والصحة والزراعة والبنى التحتية وخلق فرص العمل. أما الذين اعتادوا رفع الشعارات الفضفاضة واستغلال العواطف الطائفية والمناطقية، فقد أسقطتهم التجارب وكشفتهم النتائج.
الإصلاح لا يكون بالخطابات، بل بالمحاسبة والشفافية. والوطن لا يُبنى بالشعارات، بل بالكفاءة والنزاهة. وعكّار لن تنهض ما لم تتحرر من المال السياسي ومنطق الزبائنية، وتمنح ثقتها لمن يملك فكرًا ومشروعًا وضميرًا، لا لمن يملك حسابًا مصرفيًا مفتوحًا على موسم انتخابي.
إنها معركة وعي قبل أن تكون معركة صناديق، ومعركة كرامة قبل أن تكون منافسة سياسية.