مقالات مختارة

من أجل دولة قوية: لا لدمج الميليشيا في الجيش

الشمال نيوز  – عامر الشعار

من أجل دولة قوية: لا لدمج الميليشيا في الجيش

بقلم: محمد خلدون عريمط

لا تُبنى الدول على التوفيق القسري بين ما هو شرعي وما هو خارج الشرعية، ولا تُصان السيادة عبر دمج النقيضين في مؤسسة يُفترض بها أن تكون النموذج الأعلى للوطنية والانضباط. إن طرح فكرة دمج “حزب الله” — بسلاحه العقائدي وارتباطاته الإقليمية — في الجيش اللبناني، ليس مشروعًا لبناء الدولة، بل وصفة لتفجيرها من الداخل.

إن الجيش هو العمود الفقري لأي كيان سياسي، بل هو الضامن لسيادة الأرض وهيبة الدولة. وإن أي محاولة لإدخال منطق الميليشيا إلى داخله، تعني تفكيك العقيدة القتالية، وتحويل الجيش من قوّة نظامية موحّدة إلى كيان متضارب الولاءات والانتماءات. هذه ليست “وحدة وطنية”، بل خيانة لوحدة المؤسسة.

لكن في ظل انتخاب فخامة الرئيس جوزيف عون، القائد السابق للجيش، رئيسًا للجمهورية، إلى جانب تكليف دولة الرئيس نواف سلام برئاسة الحكومة، يستعيد اللبنانيون الأمل بولادة جديدة للدولة. فرئيس الجمهورية رجل الدولة والمؤسسة، أثبت خلال قيادته للجيش التزامه الحازم بمبدأ “الدولة أولاً”، ورفضه الصريح لتعدد السلاح. أما رئيس الوزراء، فصاحب تاريخ دبلوماسي وقانوني ناصع، لا يهادن في السيادة، ولا يساوم في الدستور.

إن “حزب الله” ليس مجرّد مقاومة أو جناح عسكري كما يزعم البعض، بل هو تنظيم يمتلك عقيدة فوق وطنية، وولاءً لمرجعية سياسية وعسكرية إيرانية تتعارض مع أسس الدولة اللبنانية. دمجه في المؤسسة العسكرية لا يعني استيعابه، بل السماح له بإعادة تشكيل الجيش على صورته، وهذا أخطر ما يمكن أن تواجهه أي دولة.

بلغة أكثر وضوحًا: لا يمكن لجندي في الجيش أن يتلقى أوامره من قيادة الجيش بينما زميله — الآتي من الميليشيا — يُدين بالولاء لـ”الولي الفقيه”. كيف يُبنى جيش موحّد بأذرع متنافرة الفكر والانتماء؟ كيف نحمي الوطن ونحن نُدخل إليه الانقسام تحت مسمى الدمج؟

إن معالجة الإزدواجية في السلاح لا تكون بخلط الشرعية باللانظام، بل بنزع كل سلاح خارج عن سلطة الدولة، وتحصين الجيش من الاختراق السياسي والطائفي. لا يمكن بناء وطن بجيش مشترك بين الدولة والدويلة.

نعم، نحن نثق في قيادة الرئيس جوزيف عون الذي يعرف تفاصيل هذه المؤسسة، ويعلم أن جيش لبنان لا يحتمل الاختراق، ولا يليق به أن يُصبح غطاءً لسلاح غير شرعي. ونثق كذلك بدولة الرئيس نواف سلام الذي يضع القانون فوق الاعتبارات الطائفية، ويؤمن بأن الدولة لا تبنى على الصفقات، بل على الصدق والمواجهة.

إن لبنان في عهد هذه القيادة الجديدة يملك فرصة تاريخية لحصر السلاح، وبناء مؤسسة عسكرية واحدة موحّدة، لا مرجع لها إلا الدستور.

ومن أجل دولة قوية، لا مساومة على الجيش.
ومن أجل سيادة لا تستعار، لا لسلاح خارج الدولة.
ومن أجل وطن ينهض، نقولها بملء الصوت: لا لدمج الميليشيا في الجيش

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى