مقالات مختارة

“السلاح ليس وهماً… بل أزمة دولة”: رد على تصريحات وفيق صفا

الشمال نيوز – عامر الشعار

“السلاح ليس وهماً… بل أزمة دولة”: رد على تصريحات وفيق صفا
محمد خلدون عريمط

في كل مرة يُطرح فيها ملف سلاح حزب الله على الطاولة اللبنانية والدولية، يتصدى أحد مسؤولي الحزب للدفاع عنه بخطاب يبدو للوهلة الأولى هادئًا، لكنه يُخفي خلف عباراته أزمة وطن بأكمله. تصريحات وفيق صفا الأخيرة ليست استثناءً، بل تأكيدٌ على أن السلاح خارج الدولة ما يزال يُدار بعقلية التحدي لا بعقلية الشراكة الوطنية.

حين يُقال إن “كلمة نزع السلاح غير موجودة إلا على السوشيال ميديا وعند المحرّضين”، فإن هذا التصريح بحد ذاته يعكس حجم الانفصام عن الواقع الشعبي والسياسي اللبناني. فالمطالب بنزع السلاح ليست منشورات إلكترونية، بل صرخات ناسٍ يعيشون الخوف والفقر والعزلة عن العالم، بسبب سلاح لا يخضع لأي سلطة شرعية، ويزج بلبنان في صراعات لا طاقة له بها.

وحين يُقال إن “المقاومة بخير، وكل ما يحدث هو نتيجة تنسيق مسبق”، يُطرح السؤال الأكبر: لماذا يُستثنى الشعب من هذا التنسيق؟ لماذا يُغيب الناس عن قرارات الحرب والسلم؟ وهل يُعقل أن تكون الدولة بكل مؤسساتها، بما فيها الجيش، مجرد “شريك ثانوي” في مشهد أمني وعسكري تديره جهة حزبية واحدة؟

أما مسألة “تهريب السلاح”، والرد عليها بسخرية، فليست مضحكة كما يحاول صفا أن يُصورها. فالقضية ليست في نفي أو إثبات التهريب، بل في مبدأ امتلاك حزب غير شرعي لمنظومة تسليح ضخمة خارجة عن رقابة الدولة. ووجود اليونيفيل أو تصريحات الأميركيين لا يُلغي الواقع، لأن الحقيقة واضحة: لا دولة تحترم نفسها تُسلم أمنها لدولة داخل الدولة.

أما الحديث عن إزالة الشعارات والصور، فمهما تمّ تنظيف الجدران، لن يُمحى ما هو محفور في ذاكرة اللبنانيين من مآسي بدأت يوم رُفع السلاح في وجه شركاء الوطن، قبل أن يُرفع بوجه إسرائيل.

وأخطر ما ورد في التصريحات هو تحويل كل ما يحدث في الجنوب أو البقاع أو الضاحية إلى “تنسيق مسبق”. هذه العبارة، بحد ذاتها، اعتراف بأن حزب الله هو من يُقرر أين تُفتح الجبهات، وأين يُشعل النار، ومتى يُسمح للجيش بالتحرك… وكأننا نعيش في ظل إدارة فوق الدولة، لا في دولةٍ ذات سيادة ودستور وجيش وقرار وطني جامع.

إن الرد الحقيقي ليس فقط بالكلمات، بل في بلورة مشروع وطني جامع، يواجه الاحتلال الإسرائيلي، ويحصّن الداخل، ويُعيد بناء الدولة على قاعدة واحدة: لا سلاح خارج المؤسسة العسكرية، ولا قرار إلا بيد الدولة، ولا كرامة إلا بسيادة تامة لا تتجزأ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى