سقط بشّار الأسد ولا يجب أن تسقط سوريا المواطنة والعروبة
الشمال نيوز – عامر الشعار
كتب حمد رستم في جريدة سفير الشمال:
*سقط بشّار الأسد ولا يجب أن تسقط سوريا المواطنة والعروبة*
اليوم سقط نظام بشّار الأسد، ويجب أن لا تسقط سوريا باعتبارها مركز الثقل وحجر الرحى في المعادلة القوميّة العربيّة، فسوريا التي أينما كانت وكيفما كانت تبقى المؤشّر والمعيار من خلال نبض جماهيرها لمدى حيويّة أو ذبول قضايا الأمّة.
واليوم حدث زلزال كبير سوف يضع المنطقة كلّها أمام تحدّيات جديدة ترسم وجه المنطقة والعناوين على صعيد الإقليم والأمّة.
الآن لقد انتهينا من حقبة حكم يختلف معها من يختلف ويتّفق من يتفق، ولكن تبقى حقيقة أنّه لو لم تكن هناك فجوات وثغرات لما وصلنا لهذه النتيجة.
وها نحن اليوم أمام تحدّيات تُلقى على عاتق من تسلّموا الحكم في سوريا، لأنّنا أضيحنا في مرحلةٍ لم يعد يكفي شتيمة بشار الأسد وبناء الخطاب السياسي على وصف أخطاء النظام وإخفاقاته وظلمه، لحكم هذا البلد العزيز.
ولا يجب أن تأخذنا نشوة هزيمة النظام أمام مجموعات جزء كبير من مكوّناتها من الشعب الذي شعر أفراده بالظلم والقهر والمهانة، ولهم أحقاد مبيّتة ضدّ نظامٍ لا نستطيع القول بأنّه كان متسامحاً بل على النقيض من ذلك.
والواجب يحتّم أن نضع من تسلّموا زمام الأمر في سوريا أمام مسؤوليّاتهم انطلاقاً من خطابهم الذي كانوا يدينون النظام به ويناضلون لأجل تغييره، حيث أنّ الخلاف مع نظام الأسد كان على محوريْن أساسيّيْن:
المحور الأوّل: الحكم ونظامه وسياساته الأمنيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، والتشدّد بإطباق القبضة على السلطة وهيكليّة الدولة ومفاصلها وسوء إدارتها، وتفشّي الفساد.
وهذا هو التحدّي الأوّل الذي أحيله لمن تسلّموا زمام الحكم، وأقول لهم أنّه يفترض عليكم أن تقدّموا أنموذجاً بديلاً للشعب السوري يُشعره في قادم الأيّام أنّه قد استطاع بناضله أن يحقّق مكاسب بالحرّيّة، والديمقراطيّة، وتداول السلطة، والعيش الرغيد، وتحسين ظروفه وإنتاجه، وتعزيز خدمات النظام السابق بما خصّ الدعم الاجتماعي من استشفاء مجّاني وتعليم ودعمٍ للسلع الأساسيّة، التي كان يتفرّد بتقديمها بين دول المنطقة، وهذا تحدٍّ ومسؤوليّة تُلقى على عاتق من بنوا خطابهم على شتم الماضي، والماضي ها قد مات وانتهى، واليوم عليكم أن تقدّموا الأنموذج الأمثل وعلى الشعب السوري أن يراقب ليحاسب عند التقصير، كما عاقب وحاسب بثورته ضدّ الظلم والطغيان.
والمحور الثاني: كان الخلاف مع النظام على سيادة سوريا، ووحدة أراضيها، وموقفه من الوصاية الإيرانيّة، ومتاجرته بقضية الصراع العربي الإسرائيلي، وبيعه لهضبة الجولان، وتمسّكه بشعار المواجهة كشمّاعة يعلّق النظام عليها مصالحه المستترة.
والتحدّي والامتحان الذي وضعتم أنفسكم أمامه، في قادم الأيّام، وبعدما يلملم الشعب السوري جراحه، ويستعيد صياغة نبضه وهواه للشعور بالسيادة والعزّة والعروبة والقرب من فلسطين، حينها سيقيّم طريقة معالجتكم لهذه الملفّات بناء لذلك، فهل أنتم مستعدّون لتقديم أنموذج يضع السيادة السوريّة عنواناً عريضاً، ويحرّرها من أطماع التركي وهيمنة الأمريكي بعد تحريرها من الوصاية الإيرانيّة والروسيّة؟؟ الأيّام وحدها كفيلة بالإجابة.
والسؤال الثاني: ماذا عن وحدة الأراضي السوريّة؟ كي لا يصبح سايكس-بيكو بالنسبة للشعب السوري مطلباً وحلماً غابراً، وهنا الأيّام وحدها أيضاً سوف تحمل الإجابة.
وهنا نطرح تساؤلاتٍ عدّة:
ما مدى قربكم من قضايا الأمّة وقضيّة الصراع مع العدوّ الصهيوني على رأسها، وهل ستقدّمون أنفسكم للشعب الفلسطيني على أنّكم أصحاب القضيّة وحافظي الحقوق، وأنّ النظام الساقط كان تاجراً ومتقاعساً، واليوم بدأ معكم عصر الحقّ؟؟
وأين ستضعون سوريا وموقفها السياسي في المعادلة الإقليميّة؟؟ هل ستوالون الغرب ومشروعه المتّشح بمظلوميّة الشعوب، ومصادرة حقوقها وتطلعاتها في بناء مستقبلها، أم أنّكم ستقفون مع محاولات القوى الصاعدة في العالم والتي نتشابه معها كدول جنوب عانت ما عانت من استبداد وهيمنة واستعمار الغرب؟؟ الأيّام القادمة سوف تجيب عن كلّ هذه التساؤلات…
حيث أنّ كلّ ما أسلفناه هو عبارة عن حزمة مخاوف نخشى من خلالها على أنفسنا، وعلى قضيّتنا الأمّ “فلسطين”، وعلى دور سوريا في معادلة تكوين شخصيّة الأمّة القوميّة، التي لا مناص لنهضة المنطقة بالحرّية والكرامة لشعوبها بغير تبلور تلك الشخصيّة، لأنّها تمتلك وحدها القدرة على خلق التوازن المطلوب على ساحة الإقليم والعالم، وتمنح الأمّة الفرص والأدوار والعزّة.