النائب بين التشريع والوساطة: أزمة وعي سياسي في لبنان
الشمال نيوز – عامر الشعار

النائب بين التشريع والوساطة: أزمة وعي سياسي في لبنان.
أحمد ضاهر
في لبنان، ما زال كثيرون يجهلون الدور الحقيقي للنائب، فيخلطون بين النائب المشرّع وبين “المعقّب” و”الوسيط” و”الزعيم”.
يتعامل المواطن مع النائب وكأنه دولة مصغّرة، أو “شيخ صلح” يحلّ النزاعات، أو “فاعل خير” يوزّع المساعدات، متناسين أنّ النائب في جوهر مهمّته مشرّع ورقيب على السلطة، لا وسيط خدمات ولا مصرفًا مفتوحًا.النائب في النظام الدستوري اللبناني ليس موظفًا لتسيير المعاملات، بل هو صانع قوانين يضع التشريعات التي تنظّم حياة الناس، وتكفل حقوقهم، وتضمن العدالة والمساواة. كما أنه يراقب الحكومة، يسائلها عن أدائها، ويحاسبها على تقصيرها أو فسادها.
بهذه الأدوات فقط يمكن للنائب أن يخدم منطقته وناخبيه، لا بالهبات ولا بالمكرمات الموسمية.
لكن الواقع اللبناني حوّل النيابة إلى مشهد زبائني بامتياز، حيث يُختصر العمل النيابي في خدمات فردية ومساعدات انتخابية، فيتحول الناخب إلى تابع، والنائب إلى “خازن” أموال الزعامة. وهكذا تتلاشى فكرة الدولة، ويُستبدل القانون بالمصلحة، والمؤسسات بالولاءات.
إنّ إعادة تصحيح مفهوم النيابة مسؤولية مشتركة بين المواطن والنائب على حدٍّ سواء. فحين يطالب الناس النائب بخدمات شخصية، يبرّئون الدولة من واجباتها، ويُسقطون عن أنفسهم حقّ المحاسبة.
أما النائب الحقيقي، فهو الذي يدافع عن حقوق الناس من داخل البرلمان، لا من خلف المكاتب أو عبر الشيكات الانتخابية.