أخبار اقتصادية

الاستثمار العربي والدولي: هل يشكل طوق نجاة للاقتصاد اللبناني

الشمال نيوز – عامر الشعار

*الاستثمار العربي والدولي: هل يشكل طوق نجاة للاقتصاد اللبناني؟*


محمد خلدون عريمط

يعاني الاقتصاد اللبناني منذ سنوات أزمة مركبة تجمع بين انهيار الليرة، عجز الميزانية، تدهور القطاع المصرفي، وتفاقم الديون العامة. في هذا السياق، باتت مسألة الاستثمار العربي والدولي محور اهتمام رئيسي، ليس فقط كحل مالي عاجل، بل كآلية لإعادة بناء الثقة وإطلاق عجلة التنمية المستدامة. لبنان يمتلك موقعًا استراتيجيًا في قلب الشرق الأوسط، وبنية تحتية تجارية وسياحية متميزة، إلى جانب رأس مال بشري مؤهل وقطاع مصرفي تاريخي، ومع ذلك فإن غياب الاستقرار السياسي وغياب الإصلاحات الهيكلية حدّ من قدرة الاقتصاد على استقطاب الاستثمارات الأجنبية. هنا يظهر الاستثمار العربي والدولي كعنصر حيوي، ليس فقط لتمويل المشاريع، بل لإرسال إشارات إيجابية للأسواق العالمية حول جدوى العودة إلى لبنان.

لطالما شكلت الدول العربية مصدر دعم مالي وسياسي للبنان، سواء عبر القروض أو الاستثمارات المباشرة في القطاعات الحيوية مثل الطاقة والبنية التحتية. الاستثمار العربي يحمل بعدًا استراتيجيًا، إذ يجمع بين الفائدة الاقتصادية والالتزام بالروابط التاريخية والثقافية، ما يعزز موقف لبنان الإقليمي ويمنحه هامش أمان سياسي نسبي. في المقابل، يمثل الاستثمار الدولي فرصًا لتحديث القطاعات الاقتصادية التقليدية، مثل الاتصالات والطاقة والموانئ. الشركاء الدوليون غالبًا ما يشترطون تطبيق سياسات شفافة وإصلاحات هيكلية، وهو ما قد يدفع لبنان نحو تبني برامج إصلاحية طال انتظارها، بحيث لا يقتصر الاستثمار الدولي على التمويل فحسب، بل يشكل ضغطًا إيجابيًا نحو الحوكمة الرشيدة والشفافية المالية.

رغم الإمكانات الكبيرة، تواجه عملية جذب الاستثمارات العربية والدولية سلسلة من العقبات، أبرزها عدم الاستقرار السياسي وتكرار الأزمات الحكومية، وضعف البنية التشريعية والتنظيمية خصوصًا في قوانين الاستثمار وحماية المستثمر، إلى جانب المخاطر الأمنية المحتملة نتيجة التوترات الإقليمية، ما يزيد من تكلفة المخاطرة على المستثمرين. ومع ذلك، يمكن للاستثمار العربي والدولي أن يشكل طوق نجاة مؤقتًا للاقتصاد اللبناني إذا تم توجيهه نحو القطاعات الاستراتيجية وترافق مع إصلاحات جذرية، إذ لن يحقق أي تدفق مالي أثرًا مستدامًا ما لم تتعزز الثقة السياسية والقانونية ويُعاد هيكلة النظام المالي والقطاعي. لبنان بحاجة اليوم إلى رؤية واضحة تربط بين الاستثمار والإصلاح، بما يضمن أن يصبح التمويل القادم ليس مجرد دعم مؤقت، بل حجر أساس لاقتصاد متين قادر على الصمود في وجه الأزمات المستقبلية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى