عربي ودولي

الغنام وتأثير جائحة كورونا على التجارة الدولية

الشمال نيوز – عامر الشعار

أبو ظبي – دكتورة سهير الغنام

تأثير جائحة كورونا على التجارة الدولية
دكتور مصطفى الفوركي أستاذ القانون الزائر بجامعة الحسن الأول بالمملكة المغربية -مدير مجلة القانون والأعمال الدولية

للحديث حول تأثير جائحة كورونا على العقود الدولية هناك مستويين أساسيين الأول يتعلق بالعقود المبرمة عن بعد والتي تكون ذات بعد دولي وتتعلق بتوريد سلعة مادية واو القيام بعمل مادي محدد والمستوى الثاني هو العقود المتعلقة بالمسائل التجارية الالكترونية ففي هذا الجانب نتحدث عن بعض العقود التي لا تتأثر في كثير من الأحيان بالظواهر الطبيعية وبمبدأ القوة القاهرة في تنفيذ العقود العادية
الفقرة الأولى: تأثير جائحة كورونا على التنفيذ المادي للعقود الدولية
تعتبر جائحة فيروس كورونا ظاهرة بعثرة الأوراق في مجال المال والاعمال بصفة عامة وفي اطار العقود الدولية بصفة خاصة حيث سيؤدي الامر الى العديد من الخلافات والصراعات بين المتعاقدين خصوصا حينما أصدرت معظم دول العالم قرارات تهم بتوقيف خط الإنتاج ووقف المقاولات مما يعني عدم تنفيذ العقود في الوقت المحدد لها بالإضافة الى التوقف المؤقت للمقاولات وتسريح العمال واقفالها مؤقتا مما يعني عدم الوفاء بالالتزامات نتيجة قوة قاهرة بفعل الواقع وبفعل القانون( قرارات الدولة ) وهذا الامر قد يشكل اشكالا عميقا على المستوى الدولي وخصوصا ان اغلب العقود الدولية تتسم بطول مدتها ويعود ذلك اما الى اتفاق الأطراف ورغبتهم في تحقيق الاستقرار في معاملاتهم كما في عقود الامتياز وعقود التوريد والى طبيعة العقد وضخامة الاعمال المطلوب القيام بها , كما في عقود نقل التكنولوجيا و عقود انشاء المصانع الجاهزة و الطرق الدولية فالعقود الدولية والتي تعتبر الاداة القانونية الأكثر استعمالاً في مجال المعاملات المالية الدولية وادارة وتيسير التجارة الدولية العابرة للحدود وهذه العقود لا تختلف عن عقود التجارة الداخلية من حيث خضوعها لأحكام القوة القاهرة.
وطبيعة العقد التجاري الدولي أطرافه من دول مختلفة والاجراءات التي تتخذها كل دولة بشأن الحد من انتشار فيروس كورونا الجديد تجعله عائقا لتنفيذ العقود وتقدير مدى اعتبار هذه الاجراءات قوة قاهرة من عدمه يتوقف على طبيعة هذه الاجراءات التي اتخذتها الدولة وطبيعة الوباء وموضوع الالتزام ومدى تأثره بهذه الاجراءات فان توافرت شروط القوة القاهرة يعفى المدين من التزامه اما اذا لم تتوافر شروطها فان المسؤولية تكون قائمة قبل المدين فالأمر نسبي يرجع تقديره الى محكمة الموضوع وقدرة المدين على اثبات توافر شروط القوة القاهرة
حيث نصت اتفاقية الجات الدولية 1994 في المادة 7 على الأثر المعفى من المسؤولية ومنها وقوع كوارث طبيعية او توقف النقل او قوة قاهرة أخرى تؤثر بصورة كبيرة على المنتجات المتاحة للتصدير … وعالجت مبادئ العقد الدولي لتوحيد قواعد القانون الدولي الخاص حال وقوع القوة القاهرة في المادة 6 على أنه يحق للطرف المتضرر أن يطلب التفاوض من الطرف الآخر على تعديل بنود العقد فإن قبلها الأخير يستمر في التنفيذ العقد الدولي أما اذا فشلت عملية التفاوض فلا سبيل سوى فسخ العقد مع احتفاظ الطرف المتضرر بحقه في المطالبة بالتعويض وهذا ما أكدت عليه اتفاقيات دولية عديدة ومنها اتفاقية فيينا 1980 حيث قضت المادة 81 على أنه بفسخ القعد يصبح الطرفان في حل من الإلتزامات التي يرتبها العقد مع عدم الاخلال بأي تعوض مستحق . ونصت المادة 79/1 من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن العقود الدولية على حماية مماثلة توفرها أحكام القوة القاهرة وقد تنطبق على العقود الدولية إلا إذا تم استبعاد تطبيق الاتفاقية صراحة من قبل الاطراف في العقد وعمليا شرط عدم توقع الحدث هو أحد أهم شروط القوة القاهرة والعبرة في تحديد توقع الحدث من عدمه هو النظر الى تاريخ ابرام العقد واستقر القضاء الفرنسي على ان شرط عدم التوقع الذي يبرر فسخ العقد يجب ان يكون قد ورد في الاتفاق قبل ظهور الوباء. والسؤال هنا ما هو التاريخ الواجب اتباعه في اعلان ظهور فيروس كورونا هل من تاريخ إعلانه بالصين أم تاريخ الاعلان بالبلد الذي توجد فيه الشركة التي تتمسك بالقوة القاهرة أم تاريخ اعلانه كوباء من منظمة الصحة العالمية؟ محكمة باريس سنة 1998 أصدرت حكم أكدت فيه على أن توقف الطائرة ببلد مجاور لمنطقة انتشر فيها وباء الطاعون لا يشكل خطر يفسر على انه قوة قاهرة.
الفقرة الثانية: اثار الجائحة على التجارة الالكترونية
يلجأ الجميع إلى الخدمات الإلكترونية والأدوات الجديدة التي تسمح لهم بالتكيف مع الظروف الاستثنائية السائدة حاليا بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد الذي ألزم نحو مليار شخص حول العالم البقاء في منازلهم، فضلا عن تسببه في انهيار البورصات ووضع الشركات الصعب، مما يترك أثرا اقتصاديا بالغ الشدة قد تأتي بعده تحولات كبرى في العالم سيكون المستفيد الأكبر منها -على ما يبدو- بعض شركات قطاع التكنولوجيا والإنترنت حيث شهد العالم الرقمي انتعاشا منقطع النظير جراء لجوء العديد من الأشخاص الى التبضع والقيام بعمليات الشراء والاستفادة من الخدمات عبر الانترنت لتعوض الشلل الحاصل في المعاملات التجارية على مستوى الواقع لذلك ظهرت مجموعة من المعاملات والتي لم تكن تحقق أرباحا كبرى وظهرت برامج أخرى عوضت الاجتماعات الفعلية والتجمعات الى اجتماعات وتجمعات افتراضية
الاقبال على المتاجر الالكترونية
عرفت المتاجر الالكترونية اقبالا منقطع النظير خصوصا مع خدمة التوصيل المنزلي السريع مما يشكل ادت لتفعيل إجراءات الحجر الصحي بالإضافة الى جودة الخدمة حيث يقوم المستهلك باختيار البضاعة واقتنائها ثم طلب شحنها الى عنوانه مباشرة دون الحاجة الى الخروج من منزله لقد كان التردد على مثل هذه المتاجر يشكل عادة يومية لمجموعة من الأشخاص لكن الامر في ظل هذه الظروف أصبح حاجة ملحة ومهمة لهم حيث عبرت مجموعة من الشركات التي تقدم خدماتها كمتاجر الكترونية عن ارتفاع نسبة أرباحها ب 80 % مقارنة مع نفس الوقت قبل تفشي الفيروس وشركات أخرى بنسب تتراوح بين 50% و60 %
ب – الاقبال على السينما الالكترونية
شهد هذا المجال اقبالا كبيرا خصوصا مع ظهور هذه الظاهرة ومنع دور السينما من عرض منتجاتها مما حذا بمجموعة من الشركات التي تقدم خدماتها في مثل هذا الأمر الى تطوير طريقة عملها كشركة ( Netflix ) و ( Apple plus ) الى تخفيض اثمنة الاشتراكات لأجل جعلها في متناول الجميع و هذا ما حدث فعلا حيث سجلت هذه الشركات اقبالا منقطع النظير مما جعلها تتخذ تدابير احترازية لأجل ضمان استفادة الجميع من البث و هو خفض جودة المنتوجات المصورة لأجل تلافي الضغط الحاصل على خوادم الشركات و كذلك لعدم حصول انقطاع على مستوى البث لدى المستهلك نتيجة الضغط الحاصل على الانترنت في هذه الظرفية
ج- ظهور صالات الرياضية عن بعد
مع إغلاق العديد من الصالات الرياضية أبوابها، اتجه ممارسو الرياضة إلى الدروس عبر الإنترنت لمواصلة تمارينهم في البيت. وسجلت أسهم شركة “بيلوتون” الأميركية للتجهيزات الرياضية ارتفاعاً كبيراً، إذ يراهن المستثمرون على الطلب المتزايد على معداتها الفردية المتصلة بالأنترنت ودروسها عبر الشبكة. ونفس النهج صارت عليه مجموعة من الصالات الرياضية بالتعليم عن بعد عن طريق بث مباشر واقتراح مجموعة من البرامج اليومية لمساعدة كافة المنخرطين للمحافظة على الياقة البدنية طيلة هذه الفترة والتي قد تشكل حالة من الكسل والخمول لدى العديد من الافراد، وفي هذا الصدد انتعشت هذه الخدمات المقدمة عبر الانترنت بشكل لم تشهده من قبل
د – الاجتماعات والعمل عن بعد
في ظل انتقال عدد متزايد من الأشخاص إلى العمل من منازلهم، ازداد الطلب على التكنولوجيا التي تتيح الاجتماعات عبر الإنترنت. وظهرت مجموعة من البرامج التي أظهرت كفاءة في الموضوع حيث شهد العالم مجموعة من الاجتماعات خصوصا في الاعمال التي تتطلب اجتماعات ومفاوضات مباشرة مما جعل العديد من الأشخاص يشتغلون من منازلهم وبالتالي الحفاظ على الوتيرة العادية للأعمال خصوصا الاعمال التي لم تتضرر بهذه الجائحة والمتعلقة بالاشتغال في مجال الانترنت وتطوير البرمجيات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى