اخبار عكار والشمال

ورشة تفكير ونقاش: السياحة الداخلية ودورها في التربية المواطنية

الشمال نيوز – عامر الشعار

البيان الختامي

ورشة تفكير ونقاش : “السياحة الداخلية ودورها في التربية المواطنية “

إعداد : د. مصطفى الحلوة

 

 

في إطار حَراكِهِ الآيل إلى تعزيز التربية على المواطنية ، نظّم “مركز تموز  للدراسات والتكوين على المواطنية “، بالتعاون مع مؤسسة Hanns Seidel  الألمانية ورشة تفكير ونقاش ، هي الأخيرة في سلسلة ورش عملِهِ للعام الجاري . وقد عُقدت الورشة في جُبيل – القاعة 1188 للمحاضرات ، على مدى يَومَي 25 و 26 تشرين الثاني 2022 ، وجاءت بعنوان : “السياحة الداخلية ودورها في التربية المواطنية ” .

كانت جلسة إفتتاحية ، استِهُلَّت بالنشيد الوطني اللبناني ، مهَّد لها د. مصطفى الحلوة ، وتضمَّنت ، على التوالي كلمة لرئيس “مركز تموز” د. أدونيس العكره ، الذي شكر لمؤسسة “هانس زايدل” دعمها المستمر للمركز ، من منطلق الأهداف المشتركة التي تجمعهما ، كما شكر للمسؤول الإقليمي للمؤسسة السيد كريستوف دوفارتس جهوده في هذا السبيل ،والذي ألقى بدوره كلمة (عبر تقنية ZOOM من الأردن ) ركّز فيها على الإشكالية المطروحة ، وشدّد على الدور الذي تؤدّيه السياحة الداخلية ، كرافد اقتصادي هام في غالبيّة دول العالم . كما كانت كلمة لمندوب “المؤسسة” في لبنان الأستاذ طوني غريِّب، أعقبتها كلمة منسّقة أعمال الورشة وعضو الهيئة الإدارية لـِ “مركز تموز ” د. كلود مرجي ، أضاءت فيها على الجلسات ، عناوين ومداخلات ومحاضرين . علمًا أن هذه الجلسات اندرجت تحت العناوين الآتية : اللامركزية الإدارية السياحيّة الموسَّعة / السياحة الداخلية والتنمية المستدامة ركيزتان لمستقبل مُستدام / السياحة الداخلية ودورها في ترسيخ السلام / السياحة الداخلية والتربية على التراث : مساران مُتلازمان لبناء القيم الإنسانية والهويّة / السياحة الداخلية والنهوض الاقتصادي / السياحة الداخلية المستدامة: واقعها ، وتطوّرها ومقوّمات تنميتها .

وعن المحاضرين ، فهم على التوالي : د. كلود مرجي ، المهندس شاكر نون ، أ. عمر أبو علي ، د. لويس صليبا ، د. ماري خوري ، د. ليليان ريشا، د. حسّان العكره ، العميد د. سمير مدوّر ، بطلة التسلّق على القمم د. جويس عزّام . وقد أدار الجلسات كلٌّ من : د. زينة حدّاد ، أ. أمل صانع ، نقيبة الأدلاّء السياحيين أ. أليسار بعلبكي ، أ. أمل بطّي الزغبي ، د. حنّا الحاج، د. خليل خير الله .

وعلى غرار سائر الورش ، كان حضورٌ طالبي جامعي ، أتى من منطقة الشمال ومن مختلف المناطق اللبنانية ، وإلى مهتمّين. وقد تميّزت الجلسات الستّ بحوار تفاعلي ، عبر المداخلات والتعقيبات والأسئلة التي أدلى بها المشاركون . وفي الجلسة الأخيرة ، طُلب إلى الحضور أن يستعرضوا ، على نموذج وُزّع عليهم ، نقاط القوة كما نقاط الضعف والتحدّيات ، بما يخصّ قضيّة السياحة الداخلية في مناطقهم ، وليتم رفع ما تحويه النماذج إلى المرجعيات المختصة ، لا سيما وزارة السياحة . وفي ختام الورشة وُزِّعت شهادات حضور ومشاركة على الطلبة الجامعيين . وقد تضمّن البيان الختامي العناوين والنقاط الآتية :

 

أولاً – في تحديد المفاهيم والمصطلحات :

– السياحة الداخلية tourisme domestique ، أو السياحة المحلية ، بالمفهوم الحديث ، هي نشاط سياحي داخلي ، أي من قِبل سُكّان بلدٍ معيّن ، في مكان إقامتهم ، لمسافة ثمانين كلم على الأقل ، من مكان إقامتهم داخل حدود البلد ، لا تقل عن 24 ساعة ، ولا تتجاوز حدود السنة ، مع العودة إلى مقرّ الإقامة الأصلي .

– السياحة ، بالمفهوم العربي الإسلامي ، سواءٌ أكانت داخلية أو خارجية، هي سياحة دينية . ففي مُعجم ” لسان العرب ” لإبن منظور :  “السياحة ، الذهابُ في الأرض للعبادة ” . والسائح هو المتأمِّل المتبصّر Méditant .

– في القواميس المزدوجة لغويًّا ” Pèlerin سائح ، زائر و Pilgrim سائح رحّال . وكذلك سائح بمعنى حاجّ (كنيسة سيّدة السوّاح ” في بلاط ، جبيل هي ” Notre dame des pèlerins ” .

–  وفي التراث العربي ، بما يخصّ السيد “المسيح” ، يروي الثعالبي عن كعب الأحبار ، في ” عرائس المجالس ” : “وكان عيسى يمشي حافيًا (..) وكان حيثما غابت الشمس صفَّ قدميه وصلّى حتى يُصبح ، وكان سيّاحًا في الأرض”.

– وفي الربط بين السياحة والمشي ، فإن السياحة مشيًا على الأقدام لما تَزَلْ تقليدًا راسخًا في الهندوسية والبوذية ، فيكون حجٌّ إلى منابع نهر الغانج في الهملايا ، سيرًا على الأقدام ، وتستغرق الرحلة ما لا يقل عن ستة أشهر .

– وفي مفهوم البوذية ، فإن المشي التأمُّلي La marche meditative سياحة تُنزل التوتّرات من الرأس إلى القدمين وتُصعد الطاقة ، على مستوى المحور المركزي ، أي العمود الفقري .

– واستزادة من المسألة ، فإنّ المشي ، من المنظور اليوغي ، وكذلك العلاجي النفساني psychothérapeutique هو هدهدة (أو هزاز) علاجية . وفي هذا المجال ، يذهب الفيلسوف نيتشه ، وهو من أبرز ممارسي المشي التأمُّلي ، إلى القول : “أمشي كثيرًا في الغابات ، وقد أجريتُ فيها مقابلات شهيرة مع نفسي ! ”  . وكذا الأمر مع الفيلسوف الألماني أمانويل كانط . 

– السياحة التربوية – وإن كان المصطلح نادر التداول – فهي نمطٌ من أنماط السياحة الداخلية لا تحظى بكل شروطها. وعمادُ هذه السياحة الرحلات المدرسية والمخيمات في الطبيعة .

– الذكاء الإنفعالي ، يتمثّل في القدرة على تسمية الانفعالات ، والتنبُّه للانفعال ، ووعي هويَّة الذات ، وإقامة علاقات بنّاءة ، والتحكُّم والسيطرة على انفعالات الذات والآخر .

 

ثانيًا – في السياحة الداخلية / رؤىً ، ومحفّزات وتحدّيات

السياحة الداخلية أوّلُ شكل من أشكال السياحات ، التي عرفتها البشرية. وهي ، كظاهرة إنسانية اجتماعية ، تشهد اليومَ توسُّعًا وانتشارًا كبيرين ، لدى غالبية دُول العالم ، ولتغدو “صناعة” ، لها شروطها ومرتكزاتها وآليات مُحدّدة، وتنتظمها استراتيجيات عامة .

– السياحة الداخلية تُصبحُ البديل من السياحة الخارجية ، بحدود واسعة، إذا تمّ وعي أهميتها وأُحسنت إدارتُها ؟. وهنا يبرز دور الدولة بالتعاون مع القطاع السياحي الخاص والجمعيات والأُطُر المدنية والأهلية الناشطة في المجالين السياحي والبيئي ، والتي لبعضها مساراتٌ ودروبٌ لرياضة المشي ، في مختلف المناطق اللبنانية .

– السياحة الداخلية تُعمِّق الانتماء الوطني ، لدى الأفراد . بل هي مدرسةٌ للتكوين على المواطنية ، وصون التوازن المجتمعي ، وتوطيد أواصر الأخوّة والمحبة بين اللبنانيين ، وتحريرهم من عُقد الخوف من الآخر ، بإسقاطها الحواجز المصطنعة : مكانيًا ونفسيًا .

وهي بذلك ، تنقلنا من “العيش معًا ” كشِعار ، إلى “العيش معًا حقيقيًا” ، ومن واقع التعايش والمساكنة إلى المواطنية الحقَّة الجامعة .

– السياحة الداخلية تُعزِّز الحس التاريخي ، لدى المواطن الفرد ، الذي يُمثِّل إحدى الركائز الأساسية للهوية الثقافية .

– السياحة الداخلية تُخرج الفرد من الحيّز المكاني ، الذي يُحتبسُ فيه ، وتُطْلِقُهُ إلى الفضاء الوطني الأوسع ، بل توسِّعُ من مساحة كينونتِهِ ، انتشارًا إلى سائر أرجاء بلاده .

– السياحة الداخلية هي حجٌّ نحو الآخر تدفع نحو بناء مواطنية سليمة ، وتستنهض الجميع لبناء وطن السلام معًا .

– السياحة الداخلية ، نهاية المطاف ، تُوفّر العبور من ضفّة : “الإنسان الفرد” إلى ضفّة ” الإنسان المواطن ” ، المتجذِّر في أرضه ، بدل اللجوء إلى أوطانِ ، قد تكون أكثر إغراءً للعيش الكريم .

– للسياحة الداخلية إيجابيات مُتعدِّدة ، بتوفيرها فُرص عمل لقطاعات مهنية صغيرة ومحلية ، لا سيما لأهل الأرياف : نساءً وشبابًا ، وزيادة الاستثمارات السياحية ، وعدم تبديد القطع الأجنبي (العملات الصعبة) ، الذي تستنزفه السياحة الخارجية .

بحسب وزير السياحة في لبنان المهندس وليد نصّار ، فقد كان للحملة الترويجية الناجحة ، التي أطلقتها وزارة السياحة ، بالتعاون مع بعض الوزارات ، الصيف المنصرم ، تحت شعار ” أهلا بهالطلّة ” أن تؤدّي إلى مجيء مليون وستمائة وعشرين ألف زائر ، جُلّهم لبنانيون ، وكانت الحصيلة المالية 6,6  مليار دولار . ويُؤمِّل الوزير نصّار مجيء 700 ألف زائر في أعياد الميلاد ورأس السنة ، سوف يرفدون لبنان بمليار ونصف دولار أمريكي. وقد أطلق الحملة تحت شعار ” عيدا ، وعيديّا بالشتوية ” . هكذا يتبدّى أن السياحة ، بوجهيها ، الداخلي والخارجي ، هي أسرع القطاعات وأكثرها رفدًا للناتج القومي (25%).

  • السياحة الداخلية تُوفّر للفرد فرصة للتعرّف على معالم بلده والجمالات ، التي جادت بها “الطبيعة المطبوعة ” (الإرث الطبيعي)، وأبدعتها “الطبيعة المصنوعة” ، أي يدُ الإنسان على مدار التاريخ ، وما يعكس ذلك من تعلّق بأهداب الوطن . وهذا ما يؤكّدُ على العلاقة الجدلية بين السياحة الداخلية والتربية المواطنية ، أو التربية على المواطنية .
  • قلّما نجد بلدًا كلبنان ، يحتضن خصائص سياحية مُستدامة ، على إيقاع فصوله وتوازنها (سياحة الاستجمام والترفيه ، سياحة طبيّة علاجية ، سياحة رياضية ، سياحة دينية ، سياحة بحثيّة عملية وثقافية ) . ناهيك عن فرادة معالم مكتملة الحقبات ، تحاكي التاريخ بكل ما فيه من بطولاتٍ ومآسٍ .
  • استكمالاً للنقطة السابقة ، فإن السياحة الداخلية هي بمنزلة حجٍّ إلى الطبيعة ، فيتمتع الفرد بجمالاتها الخلابة (جماد ، نبات ، حيوان) ، واكتشاف العمران ، وتعرّف التراث الثقافي ، وتلقِّي إشعاعات النباتات والغابات ، وتخزين خبرات غنية ، وإنماء خلايا الدماغ ، وإغناء الموارد الذاتية ، بتحريك الهرمون المضاد للتوتُّر .
  • السياحة الداخلية تُعرِّف المواطنين على مصدر غذاء صحّي ، يُوفّره أهل الريف ، بكلفة مقبولة ، ومكفول المصدر . علمًا أن ثمة سيطرة للغذاء غير الصحّي ، في الوجبات اليومية لأهل المدن ، لا سيما لدى الفئات الشبابية (fast food ) .
  • السياحة الداخلية ، في المناطق الزراعية ، تُعرِّف المواطن على أساليب ونُظُم الإنتاج الزراعي ، كما تسمح له بالتسوّق مباشرةً من المنتج .
  • عن علاقة السياحة الداخلية بالذكاء الانفعالي ، فهي تتمثّل في مقولة  ” تعرَّفْ تُحِبْ ” ، وما تعني من إسقاط حواجز الموروثات والمُسبقات، فيكون اكتشاف لمكامن روعة الآخر وغناه وقيمه الثقافية، ومرونة التكيُّف مع مُتغيِّر العادات والتقاليد .
  • المناهج التربوية اللبنانية للعام 1997 (الأهداف العامة ) تُركّز على بناء شخصية الفرد ، عبر ربط التعليم بالحياة . وفي عِداد هذه المهمة ثمة محور خاص بالأنشطة المدرسية (رحلات – مخيمات..). ناهيك عن التعديل الذي طرأ ، في هذا المجال ، تحت مُسمّى ” خدمة المجتمع ” (2017) ، مما يُوفّر مدخلاً إلى السياحة المُستدامة .
  • الرحلات المدرسية ، وردت في منهج التربية الرياضية ، في محور خاص ، تحت عنوان : “النشاطات اللاصفيّة ” . وهي تشمل المباريات التنافسية الداخلية الوطنية والدولية ، والرحلات ، والمخيمات . علمًا أنه لا يوجد في لبنان أي مرجع رسمي ، يُنظِّم أو يضع قواعد وضوابط للرحلات المدرسية .
  • معظم الرحلات المدرسية تتوخّى بشكل أساسي ، الترفيه عن المتعلمين (الطلاب) ، كما الكسب المادي للمدرسة (لاسيما المدرسة في التعليم الخاص ) .
  • –      “السياحة التربوية” تُكسب المتعلمين مهارات المواطنية : مهارات التواصل ، المهارات الفكرية ، مهارة التطوّع ، المساءلة والمحاسبة، مهارات المشاركة ومهارة القيادة .
  • التواجد ضمن مجموعة منظّمة والخروج إلى ما بعد أسوار المدرسة، في سياحة تربوية ، هو بحدِّ ذاته خبرة حياتية . وهذه الخبرة تتطلّب ممارسة مجموعة من المهارات : احترام القواعد المنظّمة ، احترام الوقت ، احترام الدور ، التزام قواعد النظافة العامة ، التزام قواعد السلوك العامة إلخ .
  • مما يُسجَّل لوزارة السياحة ، رُغم الظروف الصعبة ، انضمام لبنان (2022) إلى “الاتفاقية الجزئية الموسّعة للطرق الثقافية ” لمجلس أوروبا ، وليغدو الدولة (35) غير الأوروبية على البحر المتوسط عضوًا في هذا المجلس . وهذه الطرق الثقافية أو المسارات هي : المسار الفينيقي ، طريق النبيذ ، طريق شجرة الزيتون وطريق الفتح الاندلسي على المسار الأموي . ناهيك عن إنشاء “المنتدى اللبناني العربي والدول المتوسطية للسياحة ” ، مما يُعزِّز من موقع لبنان ، بين دول حوض المتوسط ، وتسهيل التبادل السياي والخبرات ، وتحفيز مواطني هذه الدول على زيارة لبنان والتعرّف على حضارته.

 

ثالثًا – في المقترحات والتوصيات

1- تنمية السياحة الداخلية تقتضي انتهاج أساليب علمية ، وإطلاق برامج توعوية ، تستهدف المواطن ، بالدرجة الأولى ، باعتباره عنصرًا أساسيًا في نشاط المنظومة السياحية . وفي هذا المجال لا بد من تكريس الإيمان بثقافة الأرض / الطبيعة ، لدى الناشئة ، لا سيما طلبة المدارس ، وتعزيز حضور هذه الثقافة في المناهج المدرسية .

2- تسويقًا للسياحة الداخلية والارتقاء بها ، كي تُعطي أقصى مفاعيلها، يجب التنسيق بين الوزارات المعنية بها ، وهي وزارة السياحة ، وزارة الثقافة، وزارة البيئة ، وزارة الزراعة ، وزارة الداخلية والبلديات .

3- بُغية الوصول إلى سياحة مُستدامة ، بشقَّيها الداخلي والخارجي، قائمة على استراتيجية ناجحة ، لا بّدَّ من توفُّر الشروط / العناصر الآتية : قاعدة معلومات سياحية (DATA) ، وحوكمة تعاونية ، أي التفاعل بين الإدارة المركزية والسلطات المحلية (البلديات) . وينبغي الإطلاع على خطة وزارة السياحة اللامركزية ، وعلى المشاريع التي ترعاها في مختلف المناطق اللبنانية ، والسعي للتكامل بين المدينة والقضاء ، عبر برامج ورُزم سياحية .

4- لتفعيل السياحة الداخلية ، يجب إنشاء مجموعة عمل سياحية محليّة، ذات صفة تمثيلية ، من القطاعين العام والخاص ، مهمتها اعتماد خطة عمل مناطقية ، تؤول إلى تنمية القطاعات السياحية .

5- يجب أن يُعتمد توجُّهٌ جديد لدينا ، يما يخص السياسات العامة ، فتُرسم هذه السياسات من قِبل هيئات / مرجعيات “ثابتة” ، وليس من قبل الوزارات ، إذ يأتي كل وزير ليبدأ من الصفر ، ولا يُعيرُ بالاً لما وضعه سَلَفُهُ  من مخططات ومشاريع ، برسم الدراسة أو التنفيذ  .

6- ينبغي الشروع في حملة لتحديث النصوص القانونية ، التي ترعى المرافق السياحية ، العامة والخاصة .

7- المساهمة في تطوير جودة الخدمات السياحية ومراقبتها ، مع اقتطاع نسبة من الضريبة على القيمة المُضافة ، لفواتير المؤسسات السياحية ، وتحويلها مباشرةً إلى البلديات .

8- لتفعيل السياحة الداخلية وإفادة المناطق من بعضها البعض ، يجب التوأمة بين منطقة وأخرى . وعلى سبيل المثال لا الحصر : التوأمة بين “محميّة  أرز الشوف” ، الناجحة جدًا ، وبين منطقة عكار ، التي تتميّز بعناصر طبيعية سياحية وثروة حرجية يندر وجودها في لبنان والعالم . إضافة إلى التوأمة مع مدن أجنبية ، وتوفير التواصل بين المشاريع المحلية وبين المؤسسات والمنظمات والجمعيات المحلية والدولة ، وتعزيز التعاون مع المنظمة العالمية للسياحة OMT  .

9 – العمل على إنجاح المبادرات المناطقية ، بعيدًا من المركزية ، التي تتّسم بتعقيدات تعوقُ العمل . وفي هذا المجال يجب التوقف عند تجربة جمعية “بلدتي” ، وما حقّقته من إنجازات ، رُغم الكثير من المعوقات التي اعترضت مسارها .

10- تعزيزًا للسياحة الداخلية ، يجب التعرّف على عادات الريف اللبناني ، ببلداتِهِ وقُراه ، كما التقاليد التي خلّفها الأجداد ، وإعادة الاعتبار إليها، وإبراز ما هو مميّز في كل قرية (الصناعات الحرفية ، المؤونة، ألوان الأطعمة إلخ ) .

11- وضع خطة تسويقية للسياحة ، في لبنان وبلاد الانتشار وسائر الدول ، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنصّات والتطبيقات المتخصّصة والبرامج السياحية العالمية .

12 – السعي لتفعيل التعاون مع مدن فرنسية وأوروبية ، لا سيما المتوسطية منها ، لدعم مشاريع سياحية ، مع لحظ أهمية انضمام لبنان ، كما ألمعنا آنفًا ، إلى ” الاتفاقية الجزئية الموسّعة للطرق الثقافية ” مع مجلس أوروبا.

13 – السعي لإدخال لبنان إلى المسارات السياحية البحرية في المتوسط، ووضع الأطر التطبيقية للمحميات البحرية ، والعمل بتوصيات اليونسكو ، عبر نظام BOT  ، والشراكة بين القطاعين العام والخاص .

14 – وضع الأطر التنظيمية للمحميّات الطبيعية ، الحرجية والبحرية، والعمل مع وزارة البيئة ووزارة البلديات ، لتوسيع نطاق المساحات الخضراء والحدائق ، وحماية المواقع الحسّاسة بيئيًّا ، ودعم مشاريع تكرير المياه الآسنة في المشاريع السياحية … وليُرفع شعار : “لنفكِّر أخضر .. فيخضوْضر لبنان!”. وفي هذا المجال يحق لنا التساؤل : من يُصمِّم المدن عندنا ؟  أية إدارة أو أية وزارة ؟ وهل هيّأنا بيئة حاضنة ليكون لدينا مدنٌ خضراء ؟ أم أننا بصدد “تبييض الأخضر ” (Green washing) على غرار تبييض الأموال ؟!

15- تشجيع إقامة “بيوت الضيافة” في المناطق الجبلية ، لتيسير أمور السياحة الداخلية . ناهيك عما للإقامة فيها من إيجابيات التعارف والتآلف مع أهل القرى ، وتعزيز انفتاح المدن على الريف .

16- تفعيل السياحة الداخلية الريفية ، لما تُدِرُّه من أموال لأهل الريف، تُساعدهم على الثبات في قراهم ، ووقف النزف من الريف  إلى المدينة .

17- تنشيط السياحة الداخلية ، عبر إرسال الشرائح الشبابية المدينية ، لاسيما الطلبة ، أثناء عطلة الصيف ، إلى مواسم القطاف الزراعية (موسم قطف التفاح ، وقطاف العنب وسائر أنواع الفواكه) ، وإلى الفوائد التي يجنيها الشباب ماديًّا ، فهم يتفاعلون مع أهالي هذه القرى ، ويتعرّفون إلى واقعهم ، وتكون ألفة .

18- تفعيل السياحة التربوية ، كونها تُوظِّفُ عملانيًا المعرفة الذهنية للمتعلمين ، التي تلقوها في المدرسة ، فيتمّ اختبارها ، بواسطة حواسُّهم الخمس ومهاراتهم الفكرية ، التي لا تنمو إلاّ بالتدريب والممارسة والتواصل مع الآخر، والتفاعل مع البيئة .

19 – الرحلات المدرسية في الطبيعة ، يجب تثميرها ، بحيث يتمّ توجيهها نحو التربية على المواطنية ، وذلك ، على سبيل المثال ، بتبيان المخاطر التي تُشكّلها المقالع والكسارات والأشجار المقتلعة من جذورها ، على صحة الطبيعة وسلامتها . ناهيك عن المخاطر الناجمة عن مكبّات النفايات العشوائية ، المنتشرة في مختلف المناطق، لاسيما الجبلية منها . وصولاً إلى أن يغدُوَ كل طالب خفيرًا .

20 – تعزيز السياحة الرياضية (رياضة المشي) ، عبر دعم الجمعيات الناشطة في هذا المجال ، والمنتشرة في مختلف المناطق الريفية ، ولها دروب ومسارات معروفة .

21 – استكمالاً ، لا بدّ من التنويه بقصة النجاح العائدة لبطلة التسلّق على القمم ، في مختلف قارات العالم ، د. جويس عزّام ، وهي أوّل امرأة لبنانية وعربية تسلّقت قمة إفرست ، في جبال الهملايا (ارتفاعها 8848 م). هذه التجربة يجب أن تكون مثار استلهام لكل شابة ولكل شاب لبناني ، بما يُعزِّز من دور هذه الرياضة في مناطقنا الجبلية .

22- تشجيعًا للسياحة “التربوية” ، يجب تدريس التاريخ لدينا ، على غرار الدول المتطورة ، في المدرسة وخارجها (أي في الطبيعة) ، بما يُعزِّز من ترسيخ المعلومة ، وربط النظري بالحسِّي العملي (معالم الطبيعة – الآثار- مواقع حصول الحادثة التاريخية إلخ.  )

23 – يجب أن يُعتمد دليل سياحي ” مُرخَّص ” في كل مدرسة ، يُؤدّي دور المرشد في الرحلات المدرسية “السياحية”، ولدى إقامة المخيمات المدرسية.

24- في مواجهة بعض التحديّات ، التي تُختصّ بالسياحة بعامة ، والسياحة الداخلية بخاصة ، لا بد من اتخاذ الخطوات الآتية : تحديث المناهج التربوية ، بما يتلاءم مع ثقافة الاستدامة ، كما التربية على التراث في المناهج / رفع مستوى التعليم والتدريب السياحي والفندقي في المناطق / إعارة التراث الثقافي والطبيعي ، المهمل والمتروك ، ما يستحق من أهمية ، وتوحيد القيم الثقافية والتراثية / توثيق عُرى التعاون بين الوزارات المختصة أكثر / مواجهة الترميم العشوائي لبعض المواقع الأثرية…

 

25 – الإقلاع ، بما خص السياحة ، بوجهيها ، وسائر قضايانا ، عن مقولة بل معزوفة ” الحق على الدولة ” – مع عدم نفي مسؤوليتها – فهذه مغالطة موصوفة ، لتمييع أي حراك ، ودعوة إلى التواكل . ففي نهاية المطاف: المواطنون  هم الدولة !

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى