إغتراب

صرخةٌ اغترابيةٌ وجدانية يُطلقها سامي مظلوم من استراليا

الشمال نيوز – عامر الشعار

صوت لبنان – ملبورن / سياسة

صرخةٌ اغترابيةٌ وجدانية يُطلقها سامي مظلوم

وسط الاجواء المأساوية والمحمومة التي يعيشها شعبنا اللبناني في هذه الظروف الصعبةً، اطلق الناشط السياسي والاجتماعي ، الكاتب والاديب سامي مظلوم صرخةً إغترابية وجدانية نأمل ان تلاقي صدىً ايجابياً في صفوف ابناء شعبنا المنتشر ، هذا نصُّها ؛

تراشق من هنا وهناك ، قصف كلامي ، حقد وكراهية شجع وطمع ، نهب وسرقة وعالمكشوف … دمار خراب جوع كورونا وموت … جبهات في كلّ المواقع الطائفية والمذهبية والمافيوية … لبنان على بوابة حرب أهلية ( لا سمح الله ) … صار بدها تفكير من شكل آخر يا ناس يا هُوْ !!! الجوع المرض الموت ، طاعون كورونا جراد القرن الواحد والعشرين يأكل الأخضر واليابس !!! تعطلّت لغة الكلام وانشلّت الإرادات الحيّة … أين نحن ؟ أين نحن من هذا الواقع المصيري ؟؟ دورنا كمغتربين ، المنتشرين في هذا العالم المضطرب ؟؟؟ نطرح الصوت عالياً من ملبورن أستراليا : إخوتي وأخواتي في الوطن الجريح وفي الإنتشار ، ليس بالحرب يحيا لبنان ، بل بكلّ كلمة تخرج من جراح الماضي ، واختصار الحاضر . ليس صحيحاً أن لبنان وصل إلى حافةِ عمره ، وأنه طاعنٌ في الموت … ولا نستطيع أن نصدق علمياً وموضوعياً أن هذه الحالة ستستمر ، على الرغم من كلّ المآسي التي لا تُبشّر بالخير ، بل بنعيقِ بومِ الخراب ، من خلال التراشق والطعن والتِهم بالعمالة والخيانة إلخ … هذه قناعاتنا كمغتربين ، وهي قناعات السواد الأعظم من المواطنين ، من كلّ أهلنا المعذبين على أرض الوطن … من هنا يأتي السؤال الحقيقي : كيف يتمّ الإنقاذ مِن بين الأنقاض ؟؟؟ لست أقصد هنا الإنقاذ بالمعنى السياسي ، فهذا الإنقاذ السياسي السائد محكومٌ بالقوى المتقاتلة في المصالح المافياوية المتنافرة ، التي تخبو حيناً ، وتستيقظ أحياناً … الماضي يا أبناء وطني ، الماضي هو أكثر الدروس لنا للإتعاظ !!! فلن ينبت مِن العوسج عِنب ولا من الشوك تين !!! ولن تلد حروب أهل السياسة في بلدنا إلاّ حتفها … لذلك ومن قناعة وجدانية عقلانية جسّدناها نحن في ملبورن العام 1992 في عناقٍ وطنيّ راق نحياه ونتذكره كلّنا … أتذكرون ؟ وأنتم ضمير الوطن وروحه أينما كنتم ، لأنني واثق أنكم تؤمنون أن مصلحة الوطن فوق كلّ المصالح … يا أهلنا الكرام : الإنقاذ لن يتمّ إلاّ بالإنفتاح على ما يقوله العقل ، ويبدو لنا جميعاً أن الإنقاذ لن يتمّ بكلّ الموجودين اليوم في الوطن ، فهم أسقطوا الأفكار الكبيرة المُنقذة … وهم هجّروا العقول والكفاءات … وهم رفعوا المتاريس ، بعد أن اعتقلوا العقل ، ووصلنا إلى حالةِ النزاع السائد … نعم ، لقد زوّروا لناسنا المعرفة وشوهوا القيم ، وقدموا لعقول المواطنين وجبة وحيدة ، العداء لكل مَن هو خارج طائفتنا ثم حزبنا وتيارنا وجماعتنا وصولاً إلى العائلة الواحدة ، إلى الإنسان الذي يُنازع سكرات الموت مرضاً وجوعاً … نحن ، ومن هنا ، من أستراليا من ملبورن نطرح الصوت : نحن بحاجة إلى تأسيس المستقبل اللبناني ، على قاعدةٍ فكرية صلبة ، تلغي مخلفات الماضي المختلفة ، لتخرج إلى وضوح الرؤية . هذه القاعدة الفكرية ، تنطلق من إلغاء ثقافة التعدد المتناحر ، إلى ثقافة التوحّد المتنوع ، مما يعني بالتالي استبدال ثقافة الطائفية اللاثقافية بثقافة المجتمع ، واستبدال صراع المصالح الصغيرة الآنية بصراع مصالح الأفكار الكبيرة ، وصراع القوى التي تحملها … أن ننتقل من عصر عُقد النقص ، وعُقَد التعالي إلى عصر الإنفتاح على الذات قبل الإنفتاح على الآخر ، لأنه إذا لم نعرف أنفسنا فلن نستطيع أن نعرف الآخرين ، والإنسان كما قيل : عدوّ ما يجهل !!! إن الخروج من النفق اللبناني المريض الذي أوصلنا إليه النظام الطائفي التحاصصي ، وديموقراطيته التوافقية المنافقة ، لا يتمّ إلاّ إذا استطاع اللبنانيون أن يروا في آخر النفق بصيص بعض الأفكار العلمية والعملية ، التي تقودهم إلى وضوح الولاء المطلق للوطن . دعوتنا أعزائي ، ليست دعوة إلى التفكير بمصير الطوائف ، بل دعوة إلى التفكير بمصير الوطن … وذلك لصياغة ميثاق شرف فكري سياسي إجتماعي إقتصادي حقوقي للبنان بكلّ أهله مُقيمين ومُنتشرين ….. أخاطبكم أنتم الذين هاجرتم واغتربتم أو هُجرّتم من لبنان ، أنتم جديرون ، نعم جديرون بصياغة ميثاق جديد للبنان جديد ، لأن معظم الكفاءات العلمية والثقافية والفكرية والتقنية إضافةً إلى الكثير من رجال ونساء الأعمال ، قد تركوا الوطن ، والخوف الحقيقي يأتي من استقالة هؤلاء من مسؤلياتهم الفكرية الوطنية ، العلمية الوطنية ، الثقافية الوطنية ، المالية الوطنية … بل الخوف الأكبر يأتي من وقوع هؤلاء في هوّة اليأس … إنّ الجسم الإغترابي الجديد ، الذي كوته الحروب مؤهل عقلاً وعلماً وخبرةً لصياغة فكر لبنان الجديد ، وهذا لا يعني أننا نُلغي من حسابنا أولئك المعذبون الذين ما زالوا في الوطن ، يُقيمون على أمل القيامة المجيدة للبنان الجديد … من هنا تأتي دعوتنا الصارخة ، لنلتقي ونتحاور وندرس لخلق لجنة أو نخبة تجمع وتوحّد من أجل مصلحة الوطن … وللتاريخ أقول : إذا لم نفعل هذا انطلاقاً من المغتربات ولم نتخط الجزئيات والخصوصيات الضيّقة ، فإن إسمنا سيتغير ولن نكون عندها مغتربين أو مهاجرين ، بل سنصبح لا سمح الله لاجئين من دون وطن …

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى