مقالات مختارة

ها قد عدنا يا غورو

الشمال نيوز  – عامر الشعار

 

*”ها قد عدنا يا غورو”*

 

*مربط المشرق العربي*
www.levantarabians.com
28 كانون الأول 2024

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الله تَعَالَى: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً.

*يعبّر مربط المشرق العربي بكل فخر عن تهانيه لجميع الأحرار العرب على النصر التاريخي الذي تحقق بفضل الله في 8 كانون الأول 2024، بتحرير دمشق الشام، لؤلؤة الشرق ومهبط المسيح، من قبضة نظام جائر استمر لعقود في قمع الشعوب وإفقارها.*

هذا النظام، بحلفائه ووصايته على لبنان، استمر واستنسخ نفسه مرارًا وتكرارًا تحت ذرائع “الاستقرار السياسي” الذي روّج لها حلفاؤه، وذلك بتوفير ما رأوه القدر الكافي من التخويف والتدعيش، الذي كانت الطائفة السنية وطرابلس الفيحاء ضحيته الأبرز.

*زمن الوصاية*

الطائفية السياسية، التي تشكل أساس الوصاية وأولى أدواتها التي يُقسَّم بها الداخل كما يُقسَّم بها الخارج، هي الإرث السياسي الذي تركه هنري جوزيف غورو، المفوض السامي الفرنسي في سوريا ولبنان، وإحدى مخلفات انتدابه الذي أراد من خلاله إهداء “الحضارة” لشعوب المنطقة. بلغ هذا الإرث ذروته في النظام البائد الذي انتهى في 8 كانون الأول 2024، حيث مثّلت وصايته آخر فصول تلك الحقبة وأضعف تجلياتها.

نحن في *مربط المشرق العربي*، أبناء الطائفة السنية في طرابلس، عانينا الأمرّين من النظام السياسي الطائفي الذي هدد أمننا الاقتصادي، حيث تم استهداف مشاريعنا الإنمائية طائفياً بحجة التغيير الديموغرافي المزعوم، رغم أنها مشاريع أقيمت في مناطق مختلطة تخدم جميع المواطنين دون تمييز. هذه التعدّيات ليست سوى انعكاس لتحجّر الهواجس الطائفية وغياب رؤية وطنية شاملة، وهو غياب تسبّب به زعماء الطوائف الذين أصبحوا حرّاساً لهيكل الفساد، ورعاةً للوصايات الخارجية والمحسوبيات التي تنخر في كيان الدولة ومؤسساتها.

*”دولة “لبنان الكبير”*

قبل قرن، أعلن هنري غورو، المفوض السامي الفرنسي، قيام دولة “لبنان الكبير” في 1 سبتمبر 1920.

من خلال هذا الإعلان، كرّست فرنسا هيكلية طائفية قسّمت الوطن الواحد وحوّلته إلى رهينة لإقطاعيي الطوائف. كما أنها وضعت دستورًا مليئًا بالشوائب الطائفية، مما مهد الطريق لنظام سياسي لا زال لبنان يرزح تحت وطأته الى الآن.

اليوم، يستمر اللبنانيون في دفع ثمن الطائفية التي أرساها ذلك الإعلان قبل قرن. فقد أصبحت المحاصصة الطائفية، التي أُسست لحماية الوصاية الفرنسية، منظومة فساد متجذرة تنخر مؤسسات الدولة وتعطل تحقيق العدالة والتنمية.

فهل نسي اللبنانيون أم تناسوا أن الفرنسي دخل إلى المنطقة محمّلاً بهواجس الاستعمار وأطماع الهيمنة؟

*غورو عند قبر صلاح الدين*

فبعد أن تمكن جيش غورو من فتح معبر له في ميسلون على الحدود اللبنانية السورية في 23 يوليو 1920، دخل مسارعاً إلى دمشق ..

وتوجه إلى قبر صلاح الدين الأيوبي في المسجد الأموي ..

وقال كلمته الشهيرة: *”ها قد عدنا يا صلاح الدين”!*

*إعلان وطني*

*بعد تحرير 8 كانون الأول 2024، وصل الأمر إلى مرحلة اصطفاف كبير، وعلينا أن نتعامل مع الواقع السياسي الجديد، وكأننا نشهد إشراقة شمس جديدة. فمن تاب من أخطاء ماضيه من سوء الولاء والانتماء، فهو سياسيًا اليوم ناجٍ. أما من لا يزال مصرًّا على التنكر من المرحلة، فإننا نبشره بأنّ زمن الوصايات والتقسيم قد اندحر!*

*اليوم، ومن عتبات ساحة النور في طرابلس الشام عاصمة لبنان الشمالي وقلب ثورة الحرية النابض، تعلن الطائفة السنية بأنها قد اكتفت!*

*وها نحن اليوم، وبصوت واحد مع كل أحرار المشرق العربي، نجاهر، وقد مسحنا غبار الحزن عن قبر صلاح الدين، لنقول بفخر:*

*”ها قد عدنا يا غورو”!*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى