لبنان بين لعبة الأمم وغباء سيّاسيّه
الشمال نيوز – عامر الشعار
لبنان بين لعبة الأمم وغباء سيّاسيّه
على ما يبدو وصلتْ لعبة الأمم على المسرح السياسي اللبناني إلى ذروتها ، حيث تتفجّر الساحة اللبنانية بالحرب المستعرة على أرض الجنوب وتوّجه من خلالها رسائل مضومنها التوّسع بقبضة حديدية تُمارس خلافا لمندرجات القانون الدولي . حرب تتزامن معها كثرة الأحلاف حول منطق واحد ألا وهو التبعية والإرتهان على حساب مصلحة لبنان وشعبه ومؤسساته ، وكل ذلك يحصل في ظل عجز رجال دين وساسة على إيجاد مقاربات من شأنها وقف هذا التدهـور على الساحة اللبنانية .
الأحداث الحالية والمؤثرات الإقليمية ذات التوجه الفكري التي تُرسم في منطقة الشرق الأوسط ومنها لبنان تشير إلى سياسة تصدِّ مزدوج لكل مسعى ديمقراطي وبتشدّد كبير هدفه الأول هو أن تبقى الساحة اللبنانية ساحة لتبادل الرسائل على خلفية إثبات وجود معين ذو وجه شمولي ودكتاتوري . الخاسر الأكبر من هذه الممارسات الشاذة هو لبنان بينما تتفاقم مشاكل شعبه وتترجم بطالةً وهجرة ومديونية وإقتتال داخلي .
هناك لعبة أمم تُرسم معالمها على أرضنا اللبنانية بكون لبنان مركز إستقطاب وسألفتْ القارىء الكريم لموقع لبنان ضمن خريطة الشرق الأوسط فعلى سبيل المثال هناك مرفأين حديثين إذا جاز التعبير ألا وهما ” مرفأ بيروت ” و “مرفأ طرابلس” وكلا المرفأين يتمتعان بموقع جغرافي ممّيز على شاطىء البحر الأبيض المتوسط ، وهذين المرفأين ينافسان أكبر المرافىء في هذه المنطقة إضافةً إلى ما باتْ يُعرف ب”الثروة النفطية” وللأسف هذه الأمور ليست في حسابات المسؤولين اللبنانيين لأنهم يبيعون ويشترون ويُناورون ولا يأبهون لأي إهتمام مصيري إلاّ لمصالحهم الخاصة … يا خجلة صفحات التاريخ من إستذكارهم ، وهنا على سبيل المراجعة “أشكر ربّي أنّ المسؤول اللبناني مختلف مع نفسه ومع رفيقه في المسؤولية على كتابة التاريخ ، وإلاّ لكانو زوّروا كل الوقائع كما يحلو لهم ” ، فعلا ساعة خير إنن “متخانئين “.
في علم السياسية يقولون أن الطرف الفاعل على المسرح السياسي الدولي والإقليمي والمحلي يعطي دورا مهما للإدارة الإستراتيجية بهدف إتباع سياسة أكثر توازنا على المستويات كافة ، وبالتالي هذا الدور يمنع إتساع نفوذ الدول المناهضة لسياسة الطرف الفاعل على المسرح الدولي ويتم ذلك بواسطة حلفائه المنطقيين المتوافقين على لعبة النفوذ التي ترسم الخطوط العريضة لهذه السياسة . إنّ هذه الإستراتيجية غير متوفرة في المنظومة السياسية اللبنانية وحبذا لو تنوجد ولكن هذا الأمر هو بمثابة سراب وكالذي يطلب من “الأجرودي ” أن يُخصِّب نوعية وكمية .
كنتُ قد شاركتُ في أحد اللقاءات هنا والذي ضمّ مراكز أبحاث عرب وأجانب ودبلوماسيين غربيين وعرب (على هامش هذا اللقاء إستغربت عدم حضور العنصر اللبناني وعندما إستفسرت عن الأمر كانتْ الإجابة “هناك تقشُّف …”) وهدف هذا اللقاء كان من حيث المنطق موقع لبنان الجوسياسي والذي هو محور أبواب هذا اللقاء وفي خلاصة الأمر أنّ الجمهورية اللبنانية وبكل أطيافها مُطالبة بالخروج من منطق العدائية والتبعية والإنتهازية والإستسلام إلى الحرية والإقتصاد الحر ، مُطالبة بالتوجه نحو الإنفتاح والإستثمارات في كل المجالات ومع كل دول العالم والقدرة على الإلتزام بالقوانين والعقود التي ربما ستكون الباب الرئيس لأي إزدهار موعود … للأسف وتبعًا للمعطيات الحالية إنّ منطق الإزدهار غير متوفر في الوقت الحالي وفي ظل غباء الحكام .
صدقًا وإستنادا للوقائع لا أحتاج لأدلّة للقول أن ” غباء ساسة الوطن ومكائدهم ” هو صراع رخيص ومشين بإمتياز ، أضف إلى ذلك إنّ هناك صراعا جيوسياسيا على الأرض اللبنانية ، وهذان الأمران وفق ما إستنتجت من خلال لقاءاتي مع البعثات الأجنبية سيؤديان إلى فرط مقومات الدولة لأنّ الفكر الإستراتيجي للحكام غير متوفر وبالتالي إنه أنتج مولودا عاقا إسمه النظام السياسي اللبناني الذي لم يتدارك خطورة لعبة الأمم وغباء الساسة ؛ وإلى اللقاء في مقالات أخرى .
الدكتور جيلبير المجبِّرْ فرنسا في 31 أيار 2024