Uncategorizedاخبار عكار والشمال

ماذا عن طوفان نصرالله..!!؟؟

الشمال نيوز  – عامر الشعار

كتب الاعلامي علي شندب في عروبة 22 مقالا” بعنوان :

ماذا عن “طوفان نصرالله”؟!

كشف مقالنا السابق غزّة.. و”الإحراج الوجودي” أنّ زعيم “حزب الله” أكبر المحرَجين بين أطراف المواجهة فوق ركام غزّة: إسرائيل وتحالفها الدولي بقيادة الولايات المتحدة، ومحور المقاومة بقيادة إيران من جهة ثانية. وقد أنتجت المؤثّرات الترويجية وعوامل الإثارة والتشويق التي لم تُعتمد في تاريخ خطابات نصرالله، ردّة فعل معاكسة، سيّما وأنّ الرأي العام المحلّـي والخارجي كان ينتظر ما سيقوله الرجل، بعد شهر من الصمت.

وإذ نؤيّد القول بأنّ الرجل، بعد صوم عن الكلام، أفطر على إحراج، لأنّ الإعلانات الترويجية رفعت سقف التوقعّات عشية إطلالته الأولى إثر عملية “طوفان الأقصى”، فما كان منه إلا أن اعتمد توصيف الأحداث، عارضًا لرؤيته و”شرطَيَ” الدخول في حرب شاملة.. عدم انكسار المقاومة الفلسطينية وتحديدًا “حماس”، والدفاع عن لبنان على وقع ارتفاع وتيرة وأسلحة ومدى المواجهات مع شمال فلسطين المحتلة وفقًا لتدرجّات نصرالله.
المتتبّع لمواقف أمين عام “حزب الله” يتوقف أمام محطّات لم يطوها النسيان. فهو الذي تكلّم عن قوّة محور المقاومة التي تبلغ مئات الآلاف. وهو الذي في سياق مقارعته لخرائط نتنياهو، كان قد عرض لخرائطه، وبكثير من الإسهاب استعرض المواقع “الإسرائيلية” الحسّاسة داخل الكيان، وبيّن إحداثياتها والصواريخ الدقيقة التدميرية لها. وهو الذي قال إنّه في أيّ مواجهة كبرى سوف تُكتب نهاية الكيان.
لكن، عندما حلّ 7 أكتوبر المجيد، اعتصم بالصمت، واكتفى بمشاغلة جبهة الكيان الشمالية، التي وعلى أهميتها لم تكن بالمستوى المأمول وفق بعض قادة “حماس”، رغم انخراط “كتائب القسام” و”سرايا القدس” – لبنان فيها. فما الذي ألزم نصرالله الصمت، ثمّ أنطقه بمعادلة من التوازنات المعقّدة التي لاقت استحسان البعض، وانتقاد بعض آخر؟.
إجابة السؤال تعيدنا إلى مربّع الإحراج الأول. فكما أنّ قادة “إسرائيل” والولايات المتحدة وملاحقها الأوروبية فوجئوا بزلزال “الطوفان”، لم يُخفِ نصرالله وقبله المرشد الايراني علي خامنئي والفصائل الفلسطينية مفاجأتهم حياله، ويبدو أنّهم لم يستفيقوا من صدمته وقوّته ورمزيّته المكثّفة برمزيات البطولة والشجاعة والإحترافية المتقنة في الهجوم الدفاعي على “إسرائيل” في غلاف غزّة. وهنا كان نصرالله منصفًا وهو يتحدث عن إنجاز فلسطيني صافٍ 100%.
هذا الاعتراف على واقعيّته، يستبطن كل عناصر الإثارة الميدانية غير المسبوقة، بحيث أنّ “طوفان الأقصى” لصاحب ملكيّته الفكرية “محمد الضيف”، رفع سقف العمليات أمام حركات المقاومة وخصوصًا “حزب الله”، الذي بات أمام تحديات إنجاز عسكري يتجاوز “طوفان الضيف”. وهنا تكمن المعضلة التي تطلّبت من نصرالله رفع سقف المواجهة مع الولايات المتحدة بوصفها القائد الحقيقي لمسار الحرب على غزّة، وتطلّبت العودة لثمانينات القرن الماضي لتذكير الأمريكيين (دون الفرنسيين) بتفجيرَيّ “مقرّ المارينز” والسفارة الأمريكية، وليزخّر تذكيره بحشوة إضافية مفادها “أساطيلكم التي تهدّدونا بها، أعددنا لها عدّتها أيضًا”.
ولعلّ المتتبّع لمواقف نصرالله يتذكّر دعوته بعد أيام على اغتيال قاسم سليماني، بأمر من دونالد ترامب، إلى أن “يكون هدفنا في محور المقاومة، ردًّا على دماء سليماني وأبو مهدي، إخراج القوات الأميركية من منطقتنا، وإذا تحقّق هذا الهدف سيصبح تحرير القدس على مرمى حجر، وقد لا نحتاج إلى معركة مع إسرائيل”.
وعلى سيرة ترامب، فقد غمز الرجل منذ أيام من قناة سياسة خلفه بايدن تجاه إيران، متوقفًا عند مقتل سليماني بالقول “لقد اتصلوا بنا (الإيرانيون) وقالوا علينا أن نضربكم لحفظ ماء الوجه. وأنا تفهّمت ذلك، لقد ضربناهم وعليهم أن يفعلوا شيئًا، وقالوا لا تقلقوا سنطلق 18 صاروخًا على قاعدتكم العسكرية، لكن لن تصل الصواريخ الدقيقة إلى القاعدة”.
وفيما يعكس كلام ترامب التخادم بين بلاده وإيران منذ احتلال العراق، يعكس كلام نصرالله نواياه تجاه أمريكا، لكن “التقية الإيرانية” لم تسمح بإخراجها من المنطقة ثأرًا لدماء سليماني، فهل ستسمح “التقية” بتنفيذ تهديده لأجل غزّة وفلسطين؟
جواب السؤال يعيدنا لمقال “مهر تحذف جيوش إيران الخارجية”، عرضنا فيه حينها لما أعلنه قائد “مقر خاتم الأنبياء” الجنرال غلام رشيد الذي أبلغه سليماني قبل اغتياله بثلاثة أشهر أنّه “قام بتأسيس وتنظيم ستة جيوش تحمل ميولًا عقائدية، ومهمّتها الدفاع عن طهران ضد أيّ هجوم” وهي: حزب الله، والحشد الشعبي، وأنصار الله الحوثيين، والجيش السوري، وحركتي حماس والجهاد.
وفيما لم يصدر تعليق عن دمشق والجيش السوري، فبديهي أنّ “حزب الله” لم يُصَب بأيّ إحراج، وأنّ موقف الحوثيين مطابقًا لـ”حزب الله”، أمّا “الحشد الشعبي” فأصيب بفرز أنتج ما يُعرف بحشد الولاية، وحشد المرجعية. الحرج الحقيقي أصاب حركتي “حماس” و”الجهاد” الفلسطينيّتين، سيّما وأنّ غلام رشيد أظهرهما كمرتزقة يقاتلون لأجل من يموّلهم، وليس لأجل فلسطين والقدس.
وإذ لاذت “حماس” بالصمت حيال تصريحات رشيد، لم تستطع حركة “الجهاد” بلع الفضيحة، فردّت ببيان قالت فيه “إنّ تحالفها مع الجمهورية الإيرانية الإسلامية في مواجهة إسرائيل واحتلالها لفلسطين، ولا يرتبط بأي أهداف أخرى”. بيان “الجهاد” الذي نشرته وكالة “مهر” الإيرانية، أوقع طهران بإحراج دفعها إلى حذف تصريحات رشيد من موقع “الوكالة”.
بهذا المعنى يتّضح أنّ “محور المقاومة” وفقًا للعقيدة الإيرانية، ما أنشئ إلّا للدفاع عن إيران ومصالحها في المنطقة. وبالمعنى إيّاه، يتّضح مغزى إخفاء قيادة “القسّام” لطوفان الأقصى حتى عن شقيقتها “سرايا القدس”، ما يشي وكأنّنا أمام محورين ضمن محور فضفاض سمح لمستشار خامنئي علي ولايتي اعتبار “حركة طالبان” بعد خروج أمريكا من أفغانستان من “محور المقاومة”، لكن التوترات الحدودية بين طالبان وإيران ألغت اعتبارات ولايتي.
ما ينبغي الإقرار به، أنّ فكرة المقاومة وحيويّتها وفاعليّتها الآسرة والمبهرة والمستنهضة لوجدان جمعي عربي وإسلامي كاد يسلّم بمختنقات التطبيع والهزيمة والانكسار، جاء “الطوفان” وأعاد فيوضاتها من جديد، وثبّت معادلة أنّه لا محل لفكرة المقاومة خارج فلسطين بوصفها المرجل الإستراتيجي الوحيد لتحرير الإنسان من أدوات التغوّل، والنيوليبرالية، والنيوصهيونية التي يجلس على كرسيّها اليوم جو بايدن الذي بات يتحدث عن وقف مؤقت لاطلاق النّار، مقابل محتجزين من مزدوجي الجنسية في غزّة.
ما تقدّم لا يلغي “طوفان نصرالله” المؤجّل منذ مقتل سليماني، بإخراج الأمريكيين من المنطقة، لكنّ التأجيل المتكرّر والمتناسل من عقيدة الصبر الاستراتيجي، يُذكّر بنظريات التوازن الإستراتيجي التي انتهت إلى تحلّل عدة دول عربية دون بلوغه. ألهذا السبب قال نصرالله “معركتنا لم تصل لمرحلة الانتصار بالضربة القاضية”؟.
ما تقدّم يطرح نفسه على القمّتين العربية والإسلامية في الرياض، اللتين ستضعان على كاهل العرب مسؤوليات تتراوح بين إنجاز وقف فوري لإطلاق النار والضغط الفعّال للشروع في بناء “دولة فلسطينية مترابطة وعاصمتها القدس”، كما صرّح إسماعيل هنيّة، وبين سحب المبادرة العربية للسلام وإيقاف مشاريع التطبيع مع “إسرائيل”، والتوقّف أمام ما يكرّره وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت “مصرّون على النصر بأيّ ثمن وأيّ وسيلة”، وقد ترجم وزير “التراث الإسرائيلي” عميحاي إلياهو عبارة “بأي ثمن وأي وسيلة” بـ”إلقاء قنبلة نووية على غزّة”، في اعتراف “إسرائيلي” علنيّ نادر بامتلاك القنبلة التي تجعل قيمة الأمن القومي العربي تساوي صفرًا ضاعفه انضمام الدول العربية لـ”إتفاقية منع الانتشار النووي” دون اشتراط انضمام “إسرائيل”، كمقدّمة لتخلّيها عن ترسانتها النووية ضمن شروط التطبيع والسلام الموهوم.
وفيما تُمنى إسرائيل بإخفاق ذريع نتيجة عدم تمكّنها من تسجيل مطلق إنجاز أمني، يجول انتوني بلينكن بدرعه الواقي من الرصاص في بغداد التي حمّلها رسائل نارية إلى طهران، وليبحث مع قادة المنطقة مستقبل غزّة “ما بعد حماس”، بهدف إكساب إسرائيل سياسيًا، ما فشلت عن تحقيقه عسكريًا سوى قتل أكثر من 11 ألف شهيد و25 ألف جريح، وقصف غزّة بأكثر من 3 آلاف طن من المتفجّرات.
أخيرًا، ثمّة من يرى أنّ تهديدات نصرالله ستتحوّل إلى “طوفان” جديد، وثمّة من يرجّح بأن تضمّ إيران تهديداته إلى ترسانة “الصواريخ الصوتية”.. والجواب رهن ما ستعكسه إطلالته الجديدة اليوم وما ستحمله الأسابيع القادمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى