المملكة العربية السعودية تلهم العالم
الشمال نيوز – عامر الشعار
د. عليا علي ملحم
المملكة العربية السعودية تلهم العالم
انطلقت الرؤية التنموية الاجتماعية والاقتصادية للملكة العربية السعودية، انطلاقا من الفكر والعقيدة الجديدة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، التي تعتبر نقطة الارتكاز في الخطة البديلة للملكة والتي ستقلب سياسة البلاد رأسا على عقب وصولا الى عقد اجتماعي جديد سيكون بداية النهضة الفكرية والثقافية والاجتماعية والعلائقية. كما سنكون أمام مفاهيم جديدة على كل المستويات التي تلامس كينونة المجتمع السعودي وبنيته السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
رؤية القيادة السعودية من خلال تحليل خطاب ولي العهد، هي الانفتاح على كل دول العالم التي تريد السعودية دولة قوية مزدهرة تتسع للجميع، وتحترم دستورها الاسلامي وتقف الى جانب أهدافها الوسطية في التعامل مع ملفات المملكة والعالم. كما ستفتح المملكة أبوابها لكل العلماء والباحثين والمثقفين والقادرين على المشاركة البناءة والابداعية في بناء السعودية ونجاحها وتطورها.
أما في تحليل المرتكزات الثلاث لهذه الرؤية، فالعمق العربي والاسلامي هو البداية، وهذا ما ترجمه بن سلمان في انفتاحه على الجمهورية الاسلامية في ايران، وتأكيده على عودة سورية الى مجالها الطبيعي في العلاقات العربية والخليجية، كما استعداده لدعم كل الدول العربية وفتح صفحة جديدة معها بما فيها قطر رغم الخلاف السياسي، وصولا لمشاركة هذه البلدان مجتمعة في رؤية المملكة للنهضة التي ستتخطى بحسب خططها وكيفية تنفيذها النهضة في أوروبا. كل ذلك سيكون انطلاقا من القوة الاستثمارية التي ستفعّلها المملكة وستفتح المجال أمام العالم للاستثمار بالشكل الذي يضمن الاستدامة والاستمرارية وترسيخ القوة. وهنا سيكون للقطاع الخاص الدور الأكبر في عملية التنفيذ وتحقيق الأجندة التنموية المرتقبة التي تنسجم مع الموقع الجغرافي الاستراتيجي للملكة العربية السعودية.
لقد سميت هذه الرؤية بـ (رؤية المملكة العربية السعوديّة 2030) التي تهدف إلى الارتقاء بمستقبل المملكة العربية السعودية مع التركيز على الاستدامة كمحور أساسي في التخطيط وتأسيس البنية التحتية وتطوير السياسات والاستثمار. وذلك انسجاماً مع أهداف التنمية المستدامة، التي تتصدّى للتحديات العالمية التي نواجهها، بما في ذلك التحديات المتعلقة بالفقر وعدم المساواة والمناخ وتدهور البيئة والازدهار والسلام والعدالة.
من هنا نجد أن رؤية السعودية 2030 تلهم العالم، من خلال تعاملها المسؤول مع التحدّيات العصرية للطاقة والمناخ للمشاركة في الجهود الرامية لبناء مستقبل مستدام.. وما تشهده المملكة من قفزات إيجابية هائلة وعلى كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية تنطلق من الأهداف الاستراتيجية التي وضعها محمد بن سلمان لكي يحقّق كما سبقت الاشارة «عصر نهضة سعودي حقيقي» (The Saudi Renaissance) لا يقل بأي حال من الأحوال عن عصر النهضة الذي شهدته أوروبا في العصور الوسطى، وانتقلت بموجبه الدول الأوروبية إلى سيادة العالم.
كل هذا يعكس دبلوماسية الرياض العقلانية الجديدة وأنها تقدم حسن النوايا مع الجميع ولا تقف عائقاً أمام حوار ديني أو غير ديني مسؤول مبني على ركائز المملكة منذ عهد المؤسس ومنها ترسيخ فضيلة الاستقرار والسيادة.
هذه المقاربة المفاجئة للجميع بمرونتها وقدرتها على كسر الجليد الاجتماعي والسياسي في السعودية والمنطقة، تعكس خبرة وحنكة بن سلمان في التواصل السياسي وفي وضع استراتيجية نهضوية تبدأ من الفكر ومن ثم الدمج بين الجانب القيمي والخبرة العملية في ميدان المجتمع والسياسة.
أما على المستوى الاقتصادي، وبحسب رؤية السعودية 2030 وفي سبيل تطوير الاقتصاد وتنويعه وتخفيف الاعتماد على النفط، بدأت السعودية بالعديد من الإصـــلاحات الاقتصادية والمالية، والتي استهدفت تحول هيكل الاقتصاد السعودي إلى اقتصاد متنوع ومستدام مبني على تعزيز الإنتاجية ورفع مساهمة القطاع الخاص، وتمكين القطاع الثالث.
ونجحت المملكة منذ إطلاق الرؤية في تنفيذ العديد من المبادرات الداعمة والإصلاحات الهيكلية لتمكين التحول الاقتصادي، وشمل هذا التحول عدة جهود رئيسية متمحورة حول بعدٍ قطاعي يشمل تعزيز المحتوى المحلي والصناعة الوطنية وإطلاق القطاعات الاقتصادية الواعدة وتنميتها، وبعدٍ تمكيني يهدف إلى تعظيم دور القطاع الخاص والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز استدامة المالية العامة. وأسهمت هذه التحولات الهيكلية في تعزيز قدرة اقتصاد المملكة على تجاوز جائحة كوفيد-19 في عام 2020م بثبات. ويتوقع أن تستمر وتيرة هذا التحول الهيكلي نحو نمو اقتصادي مستدام في السنوات المقبلة، خصوصاً في ظل عدد من المبادرات الاستثمارية والعملاقة، تحت مظلة صندوق الاستثمارات العامة، والشركات الرائدة. كما يتوقع أن تتسارع عجلة توطين المعرفة والتقنيات المبتكرة.
من هذا المنطلق، يؤكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن ما تحقق لدول مجلس التعاون الخليجي من منجزات تنموية بحجم اقتصاداتها على امتداد جغرافية الشرق الأوسط سيجعلها مراكز جذب مميزة تسهم في زيادة معدلات برامج التنمية، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، وتحسين برامج الحياة، وتأهيل الشباب للانخراط في أسواق العمل، وتمكينهم في القطاعات الجديدة والواعدة.
في النتيجة نحن أمام مملكة عربية سعودية جديدة من حيث التحولٍ الاجتماعيٍ والاقتصاديٍ الكبير الذي يتجسد في رؤيتها لعام 2030 التي تقوم على التنوّع بعيداً عن النفط وعلى تأسيس عقد اجتماعي متجدّد. وهذا ما سيجعل من السعودية عاصمة للعالم ومزارا دينيا وسياحيا واقتصاديا عالميا، كما سيحولها خلال سنوات قليلة الى دولة عظمى قد تتخطى الكثير من الدول العظمى.