مقالات مختارة

أين فقراء لبنان… إنّي لا أراهم؟!

الشمال نيوز – عامر الشعار

أين فقراء لبنان… إنّي لا أراهم؟!
/كاملة رعد_الرائد نيوز/

الدولار يحلّق إلى حيث تختبئ الصقور، ليرخي بظلاله على أسعار المحروقات والمنتجات الغذائية والطبابة والإستشفاء، حتى انسدل على كلّ تفصيل من تفاصيل حياة المواطن، ولم يترك له قدرة حتى على إصلاح عطلٍ صغير في سيارته!

بادئ الأمر يخيّل إلى الرائي، بأنه حين سيأخذ جولة على أحد المطاعم أو المنتجعات أو الفنادق اللبنانية، سيلقى ترحيباً وتهليلاً خرافياً وأنّ لا أحد سينافسه على طاولة فارغة في ذلك المطعم أو غرفة فارغة في هذا المنتجع أو ذاك الاوتيل، ولكن الصدمة المفاجئة تكمن، حين تعلم بأنك سوف لن تجد لك مكاناً بين كل تلك الأماكن المذكورة سالفاً، لأنها جميعها محجوزة و سيجيبك عامل الهاتف بأنها”مفوّلة” وأنه عليك أن تنتظر ليشغر مكان ما !

رئيس إتحاد النقابات السياحية رئيس المجلس الوطني للسياحة بيار الأشقر أنّ الموسم السياحي في لبنان كان ممتازاً بالنسبة لكل القطاعات السياحية من مطاعم ومقاهي وملاهي وفنادق وبيوت الضيافة. رغم أنّه “لا تزال هناك 2000 غرفة مقفلة جرّاء إنفجار مرفأ بيروت”.
،
طيب، لنقل بأنّ ذلك ليس دليلاً على الرفاهية وبأنّ الوضع ليس كما يخيل الينا، الآن حاول أن تسجّل إبنك في إحدى المدارس الخاصة ، صدقني سوف لن تجد مكانا لإبنك!
من أين أتت كلّ تلك الزحمة على الرفاهية في بلدٍ يقول فيه المحللون السياسيون أنه قاب قوسين أو أدنى من الإرتطام الإقتصادي الكبير ؟

بحسب الخبراء الاقتصاديين، فإن أغلبية هذه الشريحة تعود للمغتربين أو لذويهم، أي أنّ التحويلات التي تأتي من الخارج هي الداعم الأكبر لتلك القطاعات، نحو 6.4 مليارات دولار تحويلات المغتربين إلى لبنان في العام الماضي 2021.

إنّ الدعم الذي يتلقاه اللاجئون من الجنسية السورية (مقدّر ب2 ملياري دولار) أم من الفلسطينية (لا توجد أرقام محققة)، يسهم في رفع مستواهم الاجتماعي خلال هذه الأزمة، خصوصا أنّ المساعدات لا تقتصر على الماديات فقط بل هناك مساعدات عينية وأيضاً إستشفائية، طبية وتربوية،  وهنا نذهب لتسليط الضوء على زاوية أخرى، حيث تبين أنّ معظم اللاجئين لا يكتفون فقط بتلك المساعدات إنّما يتخطونها إلى منافسة اللبنانيين في سوق العمل، الأمر الذي يجعلنا نقترب أكثر إلى الجواب على السؤال الذي طرحناه سالفاً، أين هم الفقراء إذاً؟

لنتعمّق في بحثنا هذا ولنذهب إلى اللبنانيين غير المغتربين، هذه الفئة تنقسم إلى قسمين: فئة لديها أحد من ذويها أو أكثر يرسل لها تحويلات من الخارج تسندها في هذه الأزمة، وفئة ثانية لا تملك من يدعمها بالتحويلات.
الفئة الثانية تنقسم أيضاً إلى التجار والمتمولين والى موظفي القطاعين العام والخاص.
أمّا التجار فهم بغنى عن التعريف لأنهم أكثر من استفاد من أزمة الدولار و هم من يصح أن يطلق عليهم لقب: “les nouveax riches “.

موظفو القطاع الخاص، هم أقل تأثراً بهذه الأزمة من موظفي القطاع العام، لأنهم بشكل أو بآخر يستفيدون أيضاً من مساهمات الدول المانحة ومن أخذ قسم من مرتباتهم ب”الفريش دولار” .

لم يبقً إذاً سوى “حديدان في الميدان”، أخيراً استقرت بوصلة سؤالنا على موظفي القطاع العام، و لكن أيضاً تبيّن أنّ قسماً قليل جداً (طبقة الفاسدين والمرتشين) من هذه الفئة، قد استفاد من الأزمة بشكلٍ من الأشكال، كيف ذلك ؟
الجواب سنعرضه لاحقاً…
و لكن أخيراً إنّي أرى الفقراء، و بعد بحثٍ مطوّل تبيّن أنّي وجدتهم يختبئون في دوائر وصروح القطاعات العامة، التي لا تزال الدولة عاجزةً عن تعديل أجورهم و تأمين استشفائهم وطبابتهم، و أكثر من ذلك،  إنّها عاجزة حتى عن اتّخاذ شبه قرارٍ في أدقّ التفاصيل .

مقالات ذات صلة