عربي ودولي

الخطوة الموالية للتعاونيات هي تحصيل شواهد الاعتراف

الشمال نيوز – عامر الشعار

الخطوة الموالية للتعاونيات هي تحصيل شواهد الاعتراف

بقلم: إيمي تشانغ

مراكش

يحتفل العالم هذا الأسبوع باليوم العالمي للأمم المتحدة للتعاونيات، مناسبة تخلد كل عام في أول يوم سبت من شهر يوليو. حيث يعطي نجاح التعاونيات في التنمية المستدامة وخلق الثروات والتخفيف من حدة الفقر أملا كبيرا لغد مشرق. وبينما يوجه الثناء للتعاونيات، بات ضروريا فهم وإدراك منهجية عملها.

تشكل جمعية روكديل (1844) من إنجلترا مرجعا مهما للتعاونيات، فعندما تشتد ظروف العمل وتنخفض الأجور، عانت هذه المجموعة من النساجين الفقراء الإنجليز كثيرا لشراء السلع الأساسية، مثل الطحين. وفي غياب مساندين رأسماليين أغنياء، جمع الأعضاء أموالهم لشراء الحاجيات الضرورية بشكل جماعي، هكذا مكنتهم مشاركتهم هذه من تعزيز كلمتهم في إدارة الجمعية والتوزيع العادل للأرباح الصافية.

استمرت مبادئها طويلا باعتبارها أول تعاونية ناجحة إلى حد كبير. وقد كانت التعاونيات أيضا نموذجًا لتوحيد المجتمعات المحلية حتى تخرج نفسها من الفقر بفضل تدابير ديمقراطية. ووفقا للحلف التعاوني الدولي (ICA)، فالتعاونيات ملزمة حاليا باتباع القواعد السبعة:

1)      عضوية طوعية ومفتوحة: الانخراط يحق لكل شخص يمكنه الاستفادة والمساهمة.

2)      التسيير بنهج ديمقراطي: يشارك الأعضاء في وضع السياسة وصنع القرارات.

3)      المشاركة المادية للأعضاء: يساهم الأعضاء في تكوين وإدارة رأس المال في إطار الملكية المشتركة للتعاونية.

4)      الحرية والاستقلالية: يسهر الأعضاء على التزام التعاونية باتفاقياتها مع المنظمات الأخرى أو الحكومات أو المساندين الخارجيين.

5)      التعليم والتدريب ونشر المعلومات: تلتزم التعاونيات بتكوين أعضائها وتطوير مهارات العمل والحياة عندهم.

6)      التكامل بين التعاونيات: تحرص التعاونيات على تمكين ومساعدة بعضها البعض.

7)      روح المجتمع: يعمل الأعضاء على تطوير مجتمعاتهم بشكل مستدام.

أظهرت التعاونيات كفائة كبيرة في تطوير الاقتصاد المحلي، فتنتج إمدادات وتحصد المكافآت، وتتخذ قرارات تعود على الجميع بالنفع. وهي محرك اقتصادي فعال لبناء المجتمع المدني داخل نظام ديمقراطي، مما يسهل على المجتمعات المطالبة باحتياجاتها. كما أنها تسمح بتنافس جماعي في الأسواق رافعة بذلك مساهمة الأفراد في الاقتصاد والمجتمع.

وتشكل التعاونيات النسائية في المغرب النموذج الأقرب للمثال الغربي، فقد أعربت المرأة القروية عن رغبتها في العمل وكسب المال واتخاذ القرارات، وهي تحصل الآن، من خلال تصدير المنتجات والحرف اليدوية للتجارة العادلة، على دخل بعدما كانت في السابق مهمشة وغير ماهرة وينحصر دورها في الأعمال المنزلية. النموذج الحي لذلك من منطقة أوريكا، حيث تقوم تعاونية أبوغلو بتصنيع الكسكس والسلع المجففة الأخرى، وقد حصلت هذه النساء الـ 32 على رأس المال اللازم لزراعة شتلات اللوز للعائلات والمدارس. وفي سنة 2017، حصدت أيضا 60 كيلوغراما من أزهار الكالندولا وجهزتها لشركات مثل لوريال.

يبقى دعم هذه التعاونيات وتأكيد نزاهتها الأخلاقية فخرا للشركات الدولية، فهي بمثابة نعمة حقيقية على الاقتصاد. إضافة إلى ذلك، تقوم التعاونيات المغربية مثل تعاونية إزوران وركان النسائية بإنتاج وبيع زيت الأركان، ومن خلال إدارة العمل والتفاوض مع شركات مستحضرات التجميل الغربية، تكسب النساء وتتقاسم الربح والاحترام. فيتعلمن بالخبرة، وتزداد ثقتهن أكثر حول شؤون إدارة الأعمال.

غير أن التعاونيات تبقى مهددة بوجود المحتالين وغياب عنصر الثقة… فمعظم الأجانب الذين يأتون إلى المغرب يريدون دعم التعاونيات النسائية وشراء منتجاتها، لكنهم قلقون بشأن الشركات غير المخلصة التي تبالغ في استخدام علامة التعاونيات لخداعهم. وتتمثل مخاوفهم في عمليات النصب التي يتعرض لها السياح حيث لا تقوم النساء إلا بأدوار تمثيلية مثل فرز منتجات الأرغان علنًا بينما لا تحصل على حصة عادلة من التسيير أو الربح، كما يوقنون أن وسطاء غير جديرين بالثقة يستغلون تعاطفهم من أجل تنمية المرأة وتمكينها.

تتعارض معطيات السوق بشكل كبير في المغرب، وخاصة إذا تعلق الأمر بالسياح. يستغل الباعة ميزة معرفة القيمة الحقيقية لسلعهم لأن الأسواق نادرا ما يعرض فيها وصف المنتجات أو تسعيرها أو تصنيفها بطريقة واضحة. وقد تكون لدى السكان المحليين خبرة كبيرة في تمييز المواد عالية الجودة من تلك المزورة، أما الأجانب فهم أكثر تحفظا. لذلك يسعى السياح دائمًا خلف المنتجات الأصلية في زياراتهم الجديدة ويطلبون إثبات على ذلك.

بناء على هذه المعطيات، يجب أن تخضع التعاونيات لتحقيق دولي. وكما يشترط في المنتجات استيفاء معيار عضوية معتمد، فإن الشركات التي تدعي أنها تعاونيات يجب أن تتوفر فيها بعض المعايير حتى تصبح تعاونيات معتمدة. وأطلق الحلف التعاوني الدولي (ICA) “نموذج التعاونيات” سنة 2013 للتأكيد على أهمية مهنية ومعاصرة الهيكل التعاوني. وقد يساهم تطوير هذا النموذج في تحديد ما إن كانت التعاونيات أخلاقية وإنمائية. ويوفر المكتب المغربي للتنمية الاجتماعية استمارة لفائدة التعاونيات لتسجيل نفسها، غير أن هذه المعلومات ليست متاحة للعموم أو أنها لا تشمل جميع المنتجات. لذا وجبت مراقبة التعاونيات التي تدعي أنها تساعد النساء وأن تحصل الشرعية اللازمة على نطاق عالمي.

من شأن التعاونيات أن تخرج الناس من الفقر بشكل فعال ومستدام، ويمكنها نقلهم من زراعة الكفاف إلى التجارة الدولية، كما يمكن أن توحد المجتمعات المحلية لتستفيد من مواردها المشتركة وتحسن مستويات المعيشة وتقتنص الفرص الاقتصادية المتاحة. ومع ذلك فهم في حاجة ماسة للمساعدة، حيث تحتاج التعاونيات لتنسيق الحوار وإلى اعترافات من معيار دولي. فالتعاونيات تقوم على أساس الثقة بين أعضائها والجمهور العالمي، وبينما نحتفل بهم ونقدر كل صنيعهم هذا الأسبوع، دعونا ندعمهم كذلك.

إيمي تشانغ (az2pj@virginia.edu) متدربة بمؤسسة الأطلس الكبير في مراكش، وطالبة من جامعة فرجينيا تدرس الاقتصاد ودراسات الشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى