اخبار عكار والشمال

دار الأيتام الإسلامية تنطلق بشعارها هذا العام بعنوان ان مع العسر يسرا”

الشمال نيوز – عامر الشعار

وسط الاخبار المتعبة والقلق الاجتماعي المتصاعد والمزاج الجمعي السيء فاجأتنا دار الأيتام الإسلامية بشعارها هذا العام ” ان مع العسر يسرا” .

فالعارفون لدار الايتام الاسلامية يثقون بأن هذه المؤسسات مرصداً اجتماعياً تلامس هموم الناس عن كثب وتتعمق بدراسة قضاياهم وتقارب بعلمية احتياجاتهم ، فمن أين جاءت بكل هذا التفاؤل ؟ وكيف تعاملت مع توليفة الألم والأمل ؟

حملنا أسألتنا وانطلقنا الى قرية بيت الحوش في عكار شمالي لبنان، حيث يقع مجمع عكار للرعاية والتنمية التابع لدار الأيتام الاسلامية، لتستقبلنا الزينة الرمضانية في حدائقه الخضراء ولنشعر برؤيتها بقيمة الجمال ودوره في التعافي من سلبية الأيام .

 تفاؤلنا مبني على أسس

رافقتنا الابتسامات والترحيب على وجوه الاطفال والعاملين حتى وصلنا الى الادارة لنقابل مديرة المجمع السيدة كوثر عيتاني وبادرناها بالسؤال : من اين جئتم بكل هذا التفاؤل؟

عيتاني : دعني ارحب بك اولاً وأتقدم منك وللجميع بالتهنئة بحلول شهر رمضان المبارك ، أما عن تفاؤلنا فمصادره متعددة منها الخارجية ومنها الداخلية،هو تفاؤل مبني على أسس تاريخية وإجتماعية ومهنية وعلمية وإيمانية .

وهذا لا يعني أن دار الأيتام الإسلامية مرتاحة اليوم ولا تعاني ما يعانيه المجتمع اللبناني جماعة وأفراد، نعم إنها إيام عسر على الجميع ،ولكننا مؤمنون أن وعد الله حق وأن بعد العسر سيكون هناك اليسر،وأن العمل هو بوابة الأمل.

الخبرة والقدرة

تابعنا حديثنا مع السيدة كوثر عيتاني ونحن نشعر أن منسوب الامل في نفوسنا يرتفع،وسألنأها عما يمكن لمؤسسات كدار الايتام الاسلامية القيام به أو ابتكاره في مثل هذه الظروف .

عيتاني: الديناميكية والقدرة على التكيف من سمات مؤسساتنا،تاريخياً وعلى مدار ما يزيد عن مئة عام مرت البلاد والمؤسسات بظروف صعبة كثيرة،وكانت تتعامل مع جميع الظروف والاحتياجات الناجمة عنها بمسؤولية تجاه مجتمعها ومن هم برعايتها. فالاستجابة السريعة للاحتياجات المجتمعية أكسبتها خبرة وقدرة، الخبرة تفيدها في وضع الخطط السريعة المراعية لقدراتها في الأزمات،اما القدرة فتمكينها من الاستفادة من مواردها المتاحة لتحقيق أفضل النتائج الممكنة .

المحنة والمنحة

وأضافت السيدة عيتاني ، خلال الفترة الماضية وضعت دار الايتام الاسلامية منهجية للتعاطي مع الازمة، انطلاقاً من فهمها أن نتائج المحنة التي تمر بها البلاد ستكون مدمرة ما لم نفكر بإيجابية ونركز على سبل تحقيق رسالتنا في أصعب الظروف.

داخلياً تمت مراجعة طرائق الاداء واعتماد مبادىء الاقتصاد الدائري لخفض النفقات ضمن منظور تطوير صداقة مؤسساتنا للبيئة . وكذلك استفدنا من جميع الوسائل الاليكترونية المتاحة للتواصل مع من نخدمهم من جميع الفئات،وشمل التواصل الاليكتروني التعليم عن بعد والتدخل النفسي – الاجتماعي والمجالسة والمآنسة .

كذلك كانت فرصة لتطوير عملنا في الرعاية مع الاطفال ممن لا يجدون راع غير دار الايتام الاسلامية، وتقييم اوضاعهم في ظل الجائحة والازمة وتقديم برامج تعزز التفكير الايجابي وتحارب القلق وتفتح مجال الابتكار والابداع أمامهم .

وعلى صعيد الأسر فالمقصد من التدخل كان الحفاظ على كيان الاسرة وتحسين نوعية العلاقات بينها لتتمكن من مواجهة الأزمات بتضامنها وتكاتفها مما يخفف من التوتر والعنف والتفكك .

ومن الجدير ذكره أن دار الأيتام الإسلامية ورغم كل شيء نظمت مؤتمرها السابع لوضع الخطة الخمسية وانطلقت فيه من دراسة الواقع ووضعت خطة على الرغم من ضبابية المشهد .

لقد منحت المحنة مؤسساتنا فرصاً لمزيد من إكتشاف الذات ومن الركون الآمن الى حضن مجتمعها ومن قوة الثبات على مبادئها وأهدافها .وحققت ايجابيات عملية وتمكنت من التواصل في زمن التباعد كما تمكنت من تطوير ذاتها داخلياً معطية الأولوية لتأمين خدمات نوعية لمن هم في رعايتها تتناسب ومتطلبات المرحلة .

نعم قلقون

اخبرينا عن مجمع عكار للرعاية والتنمية، كيف حاله، ابتسمت وقلت : ” جئنا لنطمئن” .

أجابتني بهدوء ،إطمئن ولا تطمئن، إطمئن أن مؤسساتنا تبذل قصارى جهدها للوفاء بالتزاماتها ،ومجمع عكار يعمل ضمن هذا السياق،لم يغلق بابه يوماً أمام من هم في حاجة للإسعاف الإجتماعي ،عشنا وأطفالنا تجربة جديدة ،استمدوا منا القوة واستمدينا منهم الأمل والدافعية،وكان سؤال الناس عنا وعن أحوالنا يؤنس وحدتنا في أيام الحجر التي لم تكن أيام هجر فالمجتمع العكاري أصبح يعرفنا جيداً ويقدر التزامنا برسالتنا رغم كل شيء .

ولا تطمئن كثيراً،لأن ما نمر به هو عصيب وعصيب جداً، وهذا ليس حالنا فقط بل حال جميع المؤسسات الاجتماعية والرعائية،فمع تراجع القيمة الشرائية للعملة الوطنية وانعكاس الأزمة على تقديمات الدولة،وتدني قدرة الأسر على تحمل حتى تكاليف نقل اولادها وزيادة نسبة الفقر والبطالة وما نجم عنهما ،نجد أن هناك علاقة عكسية بين ارتفاع الطلب على الخدمات وكلفتها وبين قدرة المؤسسات الاهلية على التمويل .

إن القطاع الاهلي عموماً والذي طالما كان أحد ضمانات الأمن الإجتماعي يعاني اليوم وتستنزف طاقته،والعديد من المؤسسات أعلنت أنها باتت في خطر يهدد استمراريتها .

إن مع العسر يسرا

ورغم كل ذلك متفائلون؟ سألنا السيدة كوثر عيتاني، فأجابت :

عندما تكون فرداً من مجتمع كالمجتمع اللبناني ومن مؤسسات كدار الأيتام الإسلامية لا يمكنك الا أن تسلك إلا مسارين، الاول أن تعمل لتصنع الأمل والثاني أن تأمل لتنجز العمل .

الصبر والصمود والابتكار والابداع والثبات على أداء الرسالة هم عناوين المرحلة داخلياً، والثقة بمجتمعنا وإحساسه بحاجتنا للدعم والمساندة وتفاعله معنا هما من ركائز أملنا.

إن آمال وطموحات أطفالنا بمستقبل أفضل تجعلنا دوماً على يقين أن “بكرا أحلى” وأن الأزمات مهما اشتدت فما هي إلا مخاض لولادة جديدة

 

استودعنا دار الايتام الاسلامية ومن فيها الله وخرجنا، خرجنا ليس كما دخلنا، فقد دخلنا نحمل تساؤلات كثيرة وخرجنا ونحن محملين بالأمل،إنها الجرعة الضرورية من المحبة والتفاعل والتفكير البناء التي تزودك بها دار الأيتام الإسلامية ،فالخير يكون للمجتمع على هيئة مؤسسة والمجتمع قد يكون للمؤسسة على هيئة أب راع وأم حاضنة وجار محب .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى